مِيثاقاً غَلِيظاً) (٧) : أي بتبليغ الرسالة.
وبعضهم يقول : وأن تعلموا أن محمدا رسول الله ، وتصديق ذلك عنده في قوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) [الزخرف : ٤٥] أي : جبريل فإنّه كان يأتيهم بالرسالة ، أي : هل أرسلنا من رسول إلّا بشهادة ألّا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله؟.
وتفسير الحسن في هذه الآية في آل عمران مثل هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) [آل عمران : ٨١] قال : أخذ الله على النبيّين أن يعلموا أمر محمّد ، ما خلا محمّدا من النبيّين فإنّه لا نبيّ بعده ، ولكنّه قد أخذ عليه أن يصدّق بالأنبياء كلّهم ، ففعله صلىاللهعليهوسلم. ذكروا عن بعض أهل التفسير أنّه كان إذا تلا هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كنت أوّل النبيّين في الخلق وآخرهم في البعث (١). ذكروا عن مطرّف بن عبد الله أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، متى كتبت نبوّتك؟ قال : بين الطين وبين الروح من خلق آدم (٢).
قوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) : يعني النبيّين كقوله : (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٦) [الأعراف : ٦]. ثمّ قال في آية أخرى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة : ١٠٩] قال : (وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٨).
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : يعني أبا سفيان وأصحابه ، وهم الأحزاب تحازبوا (٣) على الله ورسوله. جاء عيينة بن حصن الفزاريّ ، وطليحة بن خويلد الأسديّ [من فوق الوادي ، وجاء أبو الأعور السلميّ من أسفل الوادي ونصب أبو سفيان قبل] (٤) الخندق الذي فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٢١ ص ١٢٥ عن قتادة مرسلا ، وأخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه مرفوعا من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة كما في الدرّ المنثور ، ج ٥ ص ١٨٤.
(٢) أخرجه ابن سعد عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير بهذا اللفظ ، وأخرجه أيضا عن أبي الجدعاء قال : قلت : يا رسول الله ، متى جعلت نبيّا؟ قال : وآدم بين الروح والجسد.
(٣) أي : مالأ بعضهم بعضا فصاروا أحزابا.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من ب وع فأثبتّه من سح ، ورقة ١١٣.