قال الله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً) : يعني ريح الصبا تكبّهم على وجوههم وتقطع فساطيطهم (١). وهذا تفسير مجاهد.
ذكروا عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور (٢).
قال : (وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) : يعني الملائكة. قال : (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) (٩).
قال : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) : جاءوا من وجهين : من أسفل المدينة ومن أعلاها ، في تفسير الحسن. وقال الكلبيّ : جاءوا من أعلى الوادي ومن أسفله ؛ جاء من أعلى الوادي عيينة بن حصن ، وجاء من أسفله أبو الأعور السلميّ ، ونصب أبو سفيان قبل الخندق.
قال : (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : أي من شدّة الخوف (٣). (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) : (١٠) يعني المنافقين ، يظنون أنّ محمّدا سيقتل ، وأنّهم سيهلكون (٤).
قال الله : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) : أي محّصوا. قال : (وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) (١١) : وكان الله قد أنزل في سورة البقرة : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) (٢١٤) [البقرة : ٢١٤]. فلمّا نزلت هذه الآية قال أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما أصابنا هذا بعد. فلمّا كان يوم الأحزاب قالوا : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ
__________________
(١) كذا وردت العبارة في ب وع ، وفي سح : «وهي الصبا تكبّ القدور على أفواهها وتنزع الفساطيط حتّى أظعنتهم». وهذه العبارة الأخيرة أقرب إلى ما جاء في تفسير مجاهد ص ٥١٥.
(٢) أخرجه أحمد والبخاريّ ومسلم : أخرجه البخاريّ في كتاب الاستسقاء ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : نصرت بالصبا ، وأخرجه كذلك مسلم في كتاب الاستسقاء ، باب في ريح الصبا والدبور ، (رقم ٩٠٠) كلاهما يرويه عن ابن عبّاس.
(٣) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٣٦ : «ذكر أنّ الرجل منهم كانت تنتفخ رئته حتّى ترفع قلبه إلى حنجرته من الفزع».
(٤) قال الأخفش في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٦٠٠ : «وقال : (الظُّنُونَا) والعرب تلحق الواو والياء والألف في آخر القوافي ، فشبّهوا رؤوس الآي بذلك».