ذكروا عن عطيّة العوفيّ قال : كنت فيمن عرض على النبيّ عليهالسلام يوم قريظة ، فمن نبتت عانته قتل ، ومن لم تنبت عانته ترك. فنظروا إليّ فإذا عانتي لم تنبت فتركت.
وأمّا النضير فإنّه لّما حصرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقطع نخلهم ، فرأوا أنّه قد ذهب بعيشهم صالحوه على أن يجليهم إلى الشام. ذكروا عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرق نخل بني النضير [وهي البويرة] (١) وترك العجوة ، وهي التي قال فيها الشاعر :
وهان على سراة بني لؤي |
|
حريق بالبويرة مستطير |
وذكروا عن عكرمة أنّه قال : ما دون العجوة فهو لينة.
قال : (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) : أي خيبر (٢).
ذكروا عن أنس بن مالك قال : كنت رديف أبي طلحة يوم فتحنا خيبر ؛ وإنّ ساقي لتصيب ساق النبيّ عليهالسلام ، وفخذي فخذه. فلمّا أشرفنا عليها قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : الله أكبر ، خربت خيبر ، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين (٣). فأخذناها عنوة.
ذكروا عن أنس بن مالك قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم غداة صبّحنا خيبر ، فقرأ بنا أقصر سورتين في القرآن ، ثمّ ركب. فلمّا أشرفنا عليها قالت اليهود : محمّد والله والخميس. قال : والخميس : الجيش. فأخذناها عنوة. قال : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (٢٧).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ
__________________
ولفظ ابن إسحاق حسبما رواه ابن هشام في السيرة ، ج ٣ ص ٢٤٠ ، والطبريّ في تفسيره ، ج ١ ص ١٥٣ : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة».
(١) زيادة من سح ، ورقة ١١٩. وسيأتي خبر إجلاء بني النضير مفصّلا في تفسير سورة الحشر إن شاء الله.
(٢) اختلف المفسّرون في هذه الأرض التي أشارت إليها الآية ، فقال بعضهم : إنّها خيبر ، وقيل : إنّها مكّة ، وقيل : إنّها أرض فارس والروم. ورجّح الطبريّ أنّ الآية عامّة في كلّ أرض يفتحها المسلمون ويورثهم الله إيّاها بعد أن أورثهم أرض بني قريظة والنضير وديارهم وأموالهم.
(٣) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الأذان ، باب ما يحقن بالأذان من الدماء ، وفي باب غزوة خيبر ، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير ، باب غزوة خيبر (رقم ١٣٦٥) كلاهما يرويه عن أنس.