نأخذ ، وعليه نعتمد.
قوله عزوجل : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : أي الزنا (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠) : أي هيّنا (١).
(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) : أي ومن يطع منكنّ الله ورسوله ، فيما ذكر عكرمة عن ابن عبّاس ، وليس فيه اختلاف. قال : (وَتَعْمَلْ صالِحاً) : يعني التي تقنت منهنّ لله ورسوله (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ). قال بعضهم : بلغنا أنّ رجلا سأل الحسن : أين يضاعف لها العذاب ضعفين؟ قال : حيث تؤتى أجرها مرّتين ، يعني في الآخرة. قال : (وَأَعْتَدْنا لَها) : أي وأعددنا لها (رِزْقاً كَرِيماً) (٣١) : أي الجنّة.
قوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) : ثمّ استأنف الكلام فقال : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) : قال الكلبيّ : هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب. وقال الحسن : فلا تكلّمن بالرفث. وكان أكثر ما يصيب الحدود في ز من النبيّ صلىاللهعليهوسلم المنافقون.
قال : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) : قال بعضهم : المرض ههنا الزنا. وقال بعضهم : النفاق. (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٣٢) : وهذا تبع الكلام الأوّل : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ).
قال : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) : وهي تقرأ على وجهين : (وقرن (وقرن). فمن قرأها : (وَقَرْنَ) بالفتح ، فهو من القرار ، ومن قرأها (وَقَرْنَ) بالكسر فمن قبل الوقار. قال : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : أي قبلكم ، في تفسير الحسن. وليس يعني أنّها كانت جاهليّة قبلها ، كقوله :
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٣٦ : (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) أي : يجعل لها العذاب ثلاثة أعذبة ؛ لأنّ ضعف الشيء مثله ، وضعفي الشيء مثلا الشيء. ومجاز (يُضاعَفْ) أي : يجعل الشيء شيئين حتّى يكون ثلاثة. فأمّا قوله : يضعّف أي : يجعل الشيء شيئين». وقد روى ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٣٥٠ قول أبي عبيدة هذا فقال : «ولا أراه كذلك ، لأنّه يقول بعد : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي : يطعهما. (وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) فهذا يدلّ على أنّ الضعفين ثمّ أيضا مثلان ...». وأنا أرجّح ما ذهب إليه ابن قتيبة ، فإنّ المضاعفة جعل الشيء نفسه شيئين لا إضافة مثلين إلى المثل. فقد روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه «توضّأ مرّة فقال : هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلّا به. ثمّ توضّأ اثنتين اثنتين فقال : من ضاعف ضاعف الله له ، ثمّ توضّأ ثلاثا ثلاثا فقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي». انظر مسند الربيع بن حبيب ، ج ١ ص ٢٩ ـ ٣٠ (رقم ٨٩).