فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) : أي من بعد الله ، أي : لا يستطيع أحد أن يرسل ما أمسكه الله من رحمة (١) (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢).
قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : أي إنّه خلقكم ورزقكم (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : أي ما ينزل من السماء من المطر ، وما ينبت في الأرض من النبات (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : يقوله للمشركين ، يحتجّ به عليهم ، وهو استفهام ؛ أي : لا خالق ولا رازق غيره. يقول : أنتم تقرّون بأنّ الله هو الذي خلقكم ورزقكم وأنتم تعبدون من دونه الآلهة. (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣) : أي فكيف تصرفون عقولكم فتعبدون غير الله.
قال : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) : يعزّيه بذلك ويأمره بالصبر.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده ما أصاب أحدا من هذه الأمّة من الجهد في الله ما أصابني (٢). قال : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٤) : أي إليه مصيرها يوم القيامة.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) : أي ما وعد الله من الثواب والعقاب (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٥) : وهو الشيطان.
(إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) : يدعوكم إلى معصية الله (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) : أي أصحابه الذين أضلّ (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) (٦) : أي يوسوس إليهم بعبادة الأوثان ليكونوا من أصحاب السعير ، فأطاعوه. والسعير اسم من أسماء جهنّم ، وهو الرابع.
قال : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : أي جهنّم ، قال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
__________________
(١) جاء في ع وب ، وفي سح ورقة ١٥٩ بعد قوله تعالى : (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) ما يلي : «من بعد الله ، لا يستطيع أحد أن يمسك ما يقسمه». وهذا تكرار لتفسير قوله تعالى : (فَلا مُمْسِكَ لَها) ، وهو خطأ ، ولعلّه سهو من الناسخ الأوّل تبعه فيه من بعده. وقد أثبتّ الصواب حسبما يقتضيه المعنى الواضح من سياق الآية.
(٢) أخرجه ابن سلام بهذا اللفظ : «حدّثنا أبو أميّة عن الحسن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : والذي نفسي بيده ما أحد من هذه الأمّة أصابه من الجهد في الله مثل الذي أصابني» ، كما جاء في سح ورقة ١٥٩.