ثلاثمائة وستّون عينا ، بعضها مثل الشمس ، وبعضها مثل القمر ، وبعضها مثل الزهرة ، يسبّح الله منذ خلق ، كلّ تسبيحة تخرج من فيه ملكا. قال : وبلغنا أنّ لله ديكا براثنه في الأرض السفلى ، وعنقه مثنية تحت العرش ، إذا بقي الثلث الآخر من الليل خفق بجناحيه ثمّ قال : سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والرّوح ، فتسمعه الديكة فتصرخ لصراخه ، أو قال لصوته.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أذن لي أن أحدّث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى ، وعلى قرنه العرش ، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول سبحانك (١). وبلغنا أنّ اسمه روز فيل.
وذكر بعض أهل العلم أنّ ملكا نصفه من نور ، أو قال : من نار ، ونصفه من ثلج ، يقول : يا مؤلّفا بين الثلج والنار ـ أو قال : النور ـ ألّف بين قلوب عبادك الصالحين.
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : إنّ الله خلق الملائكة والجنّ والإنس فجزّأهم عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد منهم الجنّ والإنس. وجزّأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيّون الذين يسبّحون الليل والنهار لا يفترون ، وجزء منهم لرسالاته ولخزائنه ولما شاء من أمره. وجزّأ الجنّ والإنس عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الجنّ ، والإنس جزء واحد ، فلا يولد من الإنس واحد إلّا وله من الجنّ تسعة. وجزّأ الإنس عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم ياجوج وماجوج وجزء واحد سائر بني آدم.
قوله تعالى : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) : تفسير الحسن : يزيد في أجنحة الملائكة ما يشاء (٢). (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).
قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) : أي ما يقسم الله من رحمة ، أي : من الخير والرزق (فَلا مُمْسِكَ لَها) : أي لا أحد يستطيع أن يمسك ما يقسم من رحمة (وَما يُمْسِكْ
__________________
(١) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٣ من سورة الأنعام.
(٢) وقال ابن عبّاس وغيره : «هو حسن الصوت». وقال قتادة : «الملاحة في العيون». وبعجبني ما قاله الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٣ ص ٥٩٦ بعد ذكر هذه الأقوال : «والآية مطلقة تتناول كلّ زيادة في الخلق من طول قامة واعتدال صورة ... وحصافة في العقل ، وجزالة في الرأي ... وذلاقة في اللسان ولباقة في التكلّم ... وما أشبه ذلك ممّا لا يحيط به الوصف».