(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) : أي في السّرّ حيث لا يطّلع عليهم أحد (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : أي المفروضة (وَمَنْ تَزَكَّى) : أي عمل صالحا (فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) : أي يجد ثوابه (١) ، (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (١٨) : أي المرجع.
قوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (١٩) : وهذا تبع للكلام الأوّل : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ، وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) : وهذا كلّه مثل للمؤمن والكافر ؛ كما لا يستوي البحران العذب والمالح وكما لا يستوي الأعمى والبصير وكما لا تستوي الظلمات والنور فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر(٢).
قوله : (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) يعني ظلّ الجنّة ، والحرور ، يعني النار. وقوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) الأحياء هم المؤمنون ، أي : الأحياء في الدين كقوله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) أي : كافرا (فَأَحْيَيْناهُ) أي : بالإيمان [الأنعام : ١٢٣] والأموات هم الكفّار ، أي : أموات في الدين.
(إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) : أي يهديه للإيمان (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢٢) : أي وما أنت بمسمع الكفّار ، أي : هم بمنزلة الأموات من أهل القبور لا يسمعون منك الهدى سمع قبول ، أي : لا يقبلون منك ما تدعوهم إليه كما أنّ الذين في القبور لا يسمعون.
قال : (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) (٢٣) : أي تنذر الناس ، ليس عليك غير ذلك ، والله يهدي من يشاء ، أي : يمنّ عليه بالقبول لما يدعوه إليه من دين الله فيقبله.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ) : أي بالقرآن (بَشِيراً وَنَذِيراً) : أي بشيرا بالجنّة ونذيرا من النار (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢٤) : [يعني الأمم الخالية كلّها قد خلت فيهم النذر] (٣). وقال بعضهم : [أي : وإن من أمّة ممّن أهلكنا إلّا خلا فيها نذير] (٤). يحذّر المشركين أن ينزل بهم ما نزل بهم إن كذّبوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم كما كذّبت الأمم رسلها. قال : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ
__________________
(١) كذا في ب وع : «يجد ثوابه» وهو الصحيح ، وفي سح وز : «يجزون به».
(٢) في ع وب غموض في المعنى بسبب حذف بعض الكلمات فأثبتّ التصحيح من سح.
(٣) زيادة من سح ورقة ١٦٤ ، ومن ز ورقة ٢٨٠.
(٤) زيادة من سح ورقة ١٦٤ ، ومن ز ورقة ٢٨٠.