الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (٢٥) : والزّبر : الكتب على الجماعة. والبيّنات في تفسير الحسن : ما يأتي به الأنبياء. (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) أي : البيّن. والكتاب الذي كان يجيء به النبيّ منهم إلى قومه.
وتفسير الكلبيّ : البيّنات : الحلال والحرام والفرائض والأحكام.
قال : (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : يعني إهلاكه إيّاهم بالعذاب (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٦) : أي عقابي ، على الاستفهام ، أي : كان شديدا.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ) : أي فأنبتنا به ، أي : بذلك الماء (ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) وطعمها في الإضمار (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) : أي طرائق (١) (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧) : والغربيب : الشديد السواد (٢). قال : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) : أي كما اختلفت ألوان ما ذكر من الثمار والجبال.
ثمّ انقطع الكلام ثمّ استأنف فقال : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) : وهم المؤمنون. وبلغنا عن ابن عبّاس أنّه قال : يعلمون أنّ الله على كلّ شيء قدير. وفي الآية تقديم ؛ يقول : العلماء بالله هم الذين يخشون الله. ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : ليس العلم رواية الحديث ، ولكنّ العلم الخشية ؛ يقول : من خشي الله فهو عالم. (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (٢٨).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) المفروضة (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) : السرّ التطوّع ، والعلانية الزكاة المفروضة. يستحبّ أن تعطى الزكاة علانية ، والتطوّع سرّا ، ويقال : صدقة السرّ تطوّعا (٣) أفضل من صدقة العلانية. قال : (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢٩) : أي لن تفسد (٤) ، وهي تجارة الجنّة ، يعملون للجنّة.
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٦٩ : «وقوله : (جُدَدٌ بِيضٌ) الخطط والطرق تكون في الجبال كالعرق ، بيض وسود وحمر ، واحدها جدّة».
(٢) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٥٤ : (وَغَرابِيبُ سُودٌ) مقدّم ومؤخّر لأنّه يقال : أسود غربيب».
(٣) كذا في ب وع. وفي سح ورقة ١٦٥ : «أي : صدقة التطوّع سرّا أفضل ...».
(٤) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٥٥ : (تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) أي : لن تكسد وتهلك. ويقال : نعوذ بالله من ـ