قال : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) : أي ثوابهم الجنّة (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : أي يضاعف لهم الثواب. وقال الحسن : تضاعف لهم الحسنات ، أي : يثابون عليها في الجنّة. (إِنَّهُ غَفُورٌ) : أي لمن تاب (شَكُورٌ) (٣٠) : أي يشكر اليسير ويثيب بالكثير ، أي : يقبل العمل اليسير من المؤمن ويثيبه الجنّة.
قال : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) : يعني القرآن (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : أي من التوراة والإنجيل. (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٣١).
قوله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا) : أي اخترنا (مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها).
ذكروا عن جعفر بن زيد (١) أنّ رجلا بلغه أنّه من أتى بيت المقدس ، لم يشخصه إلّا الصلاة فيه ، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه. قال : فأتيت بيت المقدس ، فدخلت المسجد فصلّيت فيه ركعتين ، ثمّ قلت : اللهمّ صل وحدتي ، وآنس وحشتي ، وارحم غربتي ، وسق إليّ جليسا صالحا تنفعني به. [فبينا أنا كذلك إذ دخل شيخ موسوم فيه الخير] (٢) ، فقام عند سارية فصلّى ركعتين ، ثمّ جلس. فقمت إليه ، ثمّ سلّمت عليه ، ثمّ جلست فقلت : من أنت ، يرحمك الله؟ فقال : أنا أبو الدرداء ، فقلت : الله أكبر! قال : ما لك يا عبد الله ، أذعورة (٣) أنا؟ قلت : لا والله ، ولكن بلغني أنّ من أتى هذا المسجد لم يشخصه إلّا الصلاة فيه ، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه
__________________
ـ بوار الأيّم ، ويقال : بار الطعام وبارت السوق».
(١) روى ابن سلّام هذا الخبر من طريقين. فقد جاء في سح ورقة ١٦٦ ما يلي : «حدّثنا الخليل بن مرّة وإسرائيل بن يونس عن جعفر بن زيد العبديّ. وحدّثنيه النضر بن بلال عن أبان بن عياش عن جعفر بن زيد أنّ رجلا بلغه ، قال الخليل : لا أدري يعني نفسه ، وقد كان كبيرا ، أو يعني غيره ، أنّ رجلا بلغه أنّه من أتى ...».
(٢) كذا في سح ورقة ١٦٦ ، وهو أتمّ وأوضح ، وفي ع : «... تنفعني به إذ دخل رجل فقام عند سارية ...».
(٣) كذا في ب وع ، وفي سح أيضا : «أذعورة أنا». وفي لوحة من قطع مخطوطات القيروان المصوّرة بدار الكتب بالقاهرة : «يا عبد الله ، أذعرة أنا؟ قلت : لست بذعرة». وفي اللسان : «رجل ذاعر ، وذعرة ، وذعرة : ذو عيب». وكأني باللفظ هنا يفيد معنى هل أنا أوحى لك بالذعر؟ هل أخيفك؟.