نراهم يخلصون لك ولا يشركون بك شيئا. فيقول : عبادي أخلصوا لي ولم يشركوا بي شيئا اشهدوا يا ملائكتي إنّي قد غفرت لعبادي ، وقد (١) رحمتي بالغفران لعبادي بما أخلصوا لي ولم يشركوا بي شيئا.
ذكروا عن عقبة بن صهبان قال : سألت عائشة عن هذه الآية ، فقالت : نعم ، يا بنيّ ، كلّهم إلى الجنّة ؛ السابق من مضى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد شهد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحياة والرزق ، والمقتصد من اتّبع أثره من أصحابه حتّى لحق به ، والظالم لنفسه مثلي ومثلك. فألحقت نفسها بنا من أجل الحدث الذي أصابت. ذكروا عن عمر بن الخطّاب قال : سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له بعد توبته.
ذكروا عن الحسن قال : السابقون أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم ، والمقتصد رجل سأل عن آثار أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم فاتّبعهم ، والظالم لنفسه منافق قطع به دونهم.
ذكروا عن الضحّاك بن مزاحم أنّه قرأ هذا الحرف : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) فقال : سقط هذا ، يعني ما قال الحسن : إنّه المنافق.
وتفسير مجاهد : إنّه منافق (٢). وقال : هي التي في سورة الواقعة ، السابقون هم السابقون ، يعني قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١٠) [الواقعة : ١٠] فوصف صفتهم في أوّل السورة ، والمقتصد أصحاب اليمين ؛ وهم المنزل الآخر في سورة الواقعة : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (٢٧) [الواقعة : ٢٧] فوصف صفتهم. والظالم لنفسه أصحاب المشأمة.
وقال بعضهم : إنّ أصحاب اليمين هم الذين يحاسبون حسابا يسيرا ، وهو المقتصد في حديث أبي الدرداء عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهم أصحاب المنزل الآخر في سورة الرحمن حيث يقول : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٦٢) [الرحمن : ٦٢] فوصفهما. ومنزل السابقين المنزل الأوّل في سورة الرحمن : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٤٦) [الرحمن : ٤٦].
__________________
(١) كلمة مطموسة في ب ، وهي ساقطة من ع وسح وز ، ولعلّها : «سبقت».
(٢) كذا في ع وب. وفي سح ورقة ١٦٨ : «إنّه الجاحد والمنافق». ولم يرد في تفسير مجاهد ، ص ٥٣٢ لفظ الجاحد ولا المنافق. وانظر تفسير الطبريّ ، ج ٢٢ ص ١٣٣ ـ ١٣٧.