بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) (٢١) [الزخرف : ٢١]
قال : (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ) : أي المشركون. كلّ هذا ظلم الشرك ، وهو ظلم دون ظلم ، وظلم فوق ظلم (بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) (٤٠) : يعني الشياطين الذين دعتهم إلى عبادة الأوثان والمشركين الذين دعا بعضهم بعضا إلى ذلك.
قوله : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) : أي لئلّا تزولا. (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) : وهذه صفة. يقول : إن زالتا ولن تزولا (١).
ذكروا عن (٢) عن الأعمش عمّن حدّثه عن عبد الله بن مسعود أنّ رجلا جاء إليه ، فرأى عبد الله بن مسعود عليه أثر السفر ، فقال له : من أين قدمت؟ قال : من الشام. قال : فمن لقيت؟ قال : لقيت فلانا وفلانا ، ولقيت كعب الأحبار. قال : فما حدّثك به؟ قال : حدّثني أنّ السماوات تدور على منكبي ملك. فقال عبد الله بن مسعود : ليتك افتديت من لقيّك إيّاه براحلتك ورحلك؟ كذب كعب ، إنّ الله يقول : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ).
قال الله : (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١) : أي حليما لا يعجّل بالعقوبة ، غفورا لمن تاب وآمن.
قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) : كقوله : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٩) [الصافّات : ١٦٧ ـ ١٦٩].
قال الله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ) : أي محمّد (ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) (٤٢) : أي عن الإيمان.
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٥٦ : «... ثمّ جاء (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) مجازه : لا يمسكهما أحد. و (إن) في موضع آخر معناه (ما) (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) معناه : ما كان مكرهم لتزول منه الجبال» [إبراهيم : ٤٦].
(٢) روى ابن سلّام هذا الخبر بقوله : «أخبرني صاحب لي عن الأعمش».