تفعل تلك الأبواب كلّها بهم ، لا تبقي أجسادهم حين يدخلونها ولا تذر ، أي : حين يجدّد خلقهم حتّى تأكل أجسادهم ، وهو قوله : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) [النساء : ٥٦] ، ثمّ الهاوية ، والنار كلّها هاوية ، يهوون فيها. قال : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٩) [القارعة : ٩] ، غير أنّ هذه الأنواع التي وصف بها النار لكلّ باب من أبوابها اسم من تلك الأنواع سمّيت به ، ولكلّ قوم من أهل النار منزل من تلك الأبواب التي سمّيت بهذه الأسماء.
قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ) : أي احبسوهم ، وهذا قبل أن يدخلوا النار (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢٤) : أي عن لا إله إلّا الله. (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) (٢٥) : أي لا ينصر بعضكم بعضا.
قال الله : (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) (٢٦) : أي استسلموا.
قال : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٧) : أي الإنس والشياطين (قالُوا) : أي قالت الإنس : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) (٢٨) : قال مجاهد : أي : من قبل الدين ، فصددتمونا عنه ، وزيّنتم لنا الضلالة في تفسير الكلبيّ. وقال بعضهم : (عَنِ الْيَمِينِ) أي : من قبل الخير فتثبّطوننا عنه ، وهو واحد (١).
(قالُوا) : أي قالت الشياطين للمشركين من الإنس : (بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) : كقوله : (فَإِنَّكُمْ) يا بني إبليس ، (وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢) أي : لستم بمضلّي أحد (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) [الصافّات : ١٦١ ـ ١٦٣] [وقال بعضهم : (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أي : من ملك فنقهركم به على الشرك] (٢) (بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) (٣٠) تقوله الشياطين للمشركين. (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) (٣١) : أي العذاب ، (فَأَغْوَيْناكُمْ) : أي فأضللناكم ، يقوله الشياطين للمشركين (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) (٣٢) : أي إنّا كنّا ضالّين.
قال الله : (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٣٣) : أي يقرن كلّ واحد منهم هو
__________________
(١) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٨٤ في تفسير الآية : «يقول : كنتم تأتوننا من قبل الدين ، أي : تأتوننا تخدعوننا بأقوى الوجوه. واليمين : القدرة والقوّة».
(٢) زيادة من سح ، ورقة ١٩٣ ـ ١٩٤.