قوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠٠) قال الله : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) : تفسير مجاهد : أدرك سعيه سعي إبراهيم في الشدّ. وتفسير الحسن : بلغ معه سعي العمل ، يعني قيام الحجّة. وقال بعضهم : سعي المشي.
(قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (١٠٢).
قال الله : (فَلَمَّا أَسْلَما) : [أي : استسلما لأمر الله] (١) : أسلم إبراهيم نفسه لله ليذبح ابنه ، وأسلم ابنه وجهه لله ليذبحه أبوه. (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣) : قال بعضهم : وكبّه للقبلة ليذبحه. وتفسير الحسن : أضجعه ليذبحه وأخذ الشفرة.
ذكروا عن أبي الطفيل عن ابن عبّاس قال : عند الجمرة الوسطى تلّه للجبين ؛ وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال : يا أبت ، إنّه ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا ، فاخلعه عني حتّى تكفنني فيه.
قال : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٠٥) : وهذا وحي مشافهة من الملك. ناداه الملك من عند الله (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢).
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) (١٠٦) : أي النعمة البيّنة عليك من الله إذ لم تذبح ابنك (٣).
__________________
ـ وتقذرهم نفس الله ...». والحديث صحيح ، وإن كان في سنده شهر بن حوشب ، فقد ضعّف ، أخرجه ابن سلّام وأخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب سكنى الشام ، (رقم ٢٨٤٢) عن عبد الله بن عمرو.
(١) زيادة من ز ورقة ٢٨٨.
(٢) جاء في معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٩٠ : «يقال : أين جواب قوله : (فَلَمَّا أَسْلَما) ، وجوابها في قوله : (وَنادَيْناهُ) والعرب تدخل الواو في جواب (فلما) و (حتى إذا) وتلقيها ، فمن ذلك قول الله : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ) وفي موضع آخر : (وَفُتِحَتْ) وكلّ صواب ...».
(٣) هذا وجه من وجوه تأويل الآية نسب إلى ابن السائب ومقاتل. وقيل : إنّ البلاء هنا بمعنى الاختبار ، وهو قول نسب إلى ابن قتيبة وغيره. انظر ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، ص ٤٦٩. وتفسير غريب القرآن ، ص ٣٧٣.