قوله تعالى : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (١٠٧) : أي بكبش عظيم. وذكر عن مجاهد قال : متقبّل.
وذكر أبو الطفيل عن ابن عبّاس قال : فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أبيض أقرن أعين ، فذبحه.
ذكر بعضهم عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس أنّه قال : الذي فدي به إسحاق (١). ذكروا عن الأحنف بن قيس قال : حدّثني العبّاس بن عبد المطلب أنّ الذي فدي إسحاق. ذكر الخليل بن مرّة ، يرفع الحديث إلى النبيّ عليهالسلام أنّه إسحاق.
وقال الحسن : بشّر إبراهيم بإسحاق مرّتين : مرّة بولادته ، ومرّة بأنه نبيّ. ذكر كيف أري في المنام أن يذبحه ، وكيف كان أراد ذبحه وكيف فدي فقصّ قصّته ، ثمّ قال : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) أي : بأنّه نبيّ.
فمن جعل القصّة كلّها لإسحاق فهو يقول : هو الذي أمر إبراهيم بذبحه وبشّره مرّتين على هذا التأويل. ومن جعل القصّة لإسماعيل فيقول : هو الذي أمر إبراهيم بذبحه. ويجعل القصّة كلّها له. ثمّ قال من بعد ، أي : من بعد ما أرى في المنام ذبحه ، وكيف أراه ذبحه ، وكيف فدي ، فقصّ قصّته كلّها ، حتّى انقضت قال : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) كلّ هذا قالته العلماء ، وقد فسّروه على ما وصفنا. وأحقّهم أن يكون إسماعيل هو الذي أمر إبراهيم بذبحه ، وهو أوفق لما في القرآن (٢).
__________________
(١) كذا في ع وب وسح وز ، والذي في تفسير الطبريّ روايات عن ابن عبّاس ، ونسب إليه قولان. فعكرمة يروي عن ابن عبّاس أنّ الذبيح إسحاق ، ويروي كلّ من الشعبيّ وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعطاء وغيرهم أنّ المفديّ إسماعيل.
(٢) اختلاف المفسّرين في الذبيح من هو اختلاف قديم بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ولكلّ حجّته. وقد رجّح الطبريّ أنّ الذبيح إسحاق بعد أن روى أقوال من سبقه. وقد استوفى ابن كثير في تفسيره ، ج ٦ ص ٢٨ ـ ٣١ الآثار المرويّة والحجج المعتمدة لكلّ فريق ، فرجّح أنّ الذبيح إسماعيل. ويبدو لي أنّ الصواب مع القائلين بأنّ الذبيح هو إسماعيل لتضافر الروايات بذلك وقوّة الحجج له. وهذا ما ذهب إليه الشيخ هود بن محكّم أيضا ، فالجمل الأخيرة في الموضوع له لا لابن سلام ، لأنّها لم ترد في سح ولا في ز. فهي من زيادات الشيخ هود ولا شكّ. وممّن ذهب من المتأخّرين إلى أنّ الذبيح إسماعيل العالم المحقّق الشيخ محمّد ـ