جعلناهم جسدا يأكلون الطعام. وقد قال المشركون : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) [الفرقان : ٧].
قوله عزوجل : (وَما كانُوا خالِدِينَ) (٨) : أي ما كانوا يخلدون في الدنيا لا يموتون.
قوله عزوجل : (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ) : كانت الرسل تحذّر قومها عذاب الله في الدنيا وعذابه في الآخرة إن لم يؤمنوا ، فلمّا لم يؤمنوا صدق الله رسله الوعد فأنزل العذاب على قومهم.
قال : (فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ) : يعني النبيّ والمؤمنين (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) : (٩) يعني المشركين.
قوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً) : أي القرآن (فِيهِ ذِكْرُكُمْ) : أي فيه شرفكم ، يعني قريشا ، أي لمن آمن به (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠) يقوله للمشركين.
قوله عزوجل : (وَكَمْ قَصَمْنا) : أي أهلكنا (مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) : أي مشركة ، يعني أهلها. (وَأَنْشَأْنا بَعْدَها) : أي وخلقنا بعدها (قَوْماً آخَرِينَ) (١١).
قال عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا) : أي عذابنا ، يعني قبل أن يهلكوا ، رجع إلى قصّة من أهلك (إِذا هُمْ مِنْها) : أي من القرية (يَرْكُضُونَ) (١٢) : أي يفرّون من العذاب حين جاءهم.
يقول الله عزوجل : (لا تَرْكُضُوا) : أي لا تفرّوا (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) : يعني نعيمهم الذي كانوا فيه (وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) (١٣) : أي من دنياكم شيئا. أي لا تقدرون على ذلك ولا يكون ذلك ، يقال لهم هذا استهزاء بهم (١). (قالُوا يا وَيْلَنا :) وهذا حين جاءهم العذاب (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (١٤).
قال الله عزوجل : (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) : [يعني قولهم : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)] (٢) ، (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) (١٥) : يعني قد هلكوا (٣).
__________________
(١) وقع اضطراب في هذه الجمل الأخيرة في ب وع ، فأثبتّ صحّتها من ز ورقة ٢١٣.
(٢) زيادة من سع ورقة ٣٢ ظ.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٣٦ : «والحصيد : مجازه مجاز المستأصل ، وهو يوصف بلفظ الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء ، كأنّه أجري مجرى المصدر الذي يوصف به الذكر والأنثى ـ