قوله عزوجل : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) (١٦) : أي إنّما خلقناهما للبعث والحساب والجنّة والنار.
قوله عزوجل : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) (١٧) : واللهو المرأة بلسان اليمن فيما قال الحسن (١). وذلك أنّ المشركين قالوا : إنّ الملائكة بنات الله. وقد قال في سورة الأنعام : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) [الأنعام : ١٠١].
قال عزوجل : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ) : بالحقّ ، أي بالقرآن على باطلهم ، أي شركهم (فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) : أي ذاهب. قال تعالى : (وَلَكُمُ الْوَيْلُ) : أي العذاب (مِمَّا تَصِفُونَ) (١٨) : أي ممّا تكذبون. لقولهم : إنّ الملائكة بنات الله.
قال تعالى : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ) : يعني الملائكة (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (١٩) (٢) : أي ولا يعيون. (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠). ذكروا عن ابن عبّاس في تفسيرها قال : انظر إلى بصرك هل يؤودك؟ (٣) ، أي : هل يثقل عليك؟ ، وانظر إلى سمعك هل يؤودك؟ ، وانظر إلى نفسك (٤) هل يؤودك؟ ، فكذلك الملائكة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ ؛ ليس فيها موضع شبر إلّا
__________________
ـ والاثنان والجميع منه على لفظه. وفي آية أخرى : (كانَتا رَتْقاً) مثله».
(١) وفي معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٢٠٠ ما يلي : «حدّثني حنان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : الولد بلغة حضرموت. وقوله : (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) جاء في التفسير : ما كنّا فاعلين. و (إن) قد تكون في معنى (ما) كقوله : (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) وقد تكون (إن) التي في مذهب جزاء ، فيكون : (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) ولكنّا لا نفعل. وهو أشبه الوجهين بمذهب العربيّة ، والله أعلم».
(٢) (لا يَسْتَحْسِرُونَ) أي : لا يفترون ولا يعيون ولا يملّون. ويقال : حسرت البعير». هذا ما جاء في مجاز أبي عبيدة ، ج ٢ ص ٣٦.
(٣) في ب وع : «يؤذيك» ، وهو خطأ ولا شكّ ، صوابه ما أثبتّه.
(٤) في ب وع. وفي سع ورقة ٣٢ ظ : «وانظر إلى نفسك هل تؤودك». والصواب ما أثبتّه : «إلى نفسك هل يؤودك» وهو أنسب وأبلغ.