يأتهم رسول حتّى جاءهم محمّد عليهالسلام.
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) : قال ابن عبّاس : موت فقهائها وعلمائها. ذكر بعضهم قال : موت عالم أحبّ إلى إبليس من موت ألف عابد (١). وقال الحسن : (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) بالفتوح على النبيّ صلىاللهعليهوسلم أرضا فأرضا. ألا تسمعه يقول : (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) (٤٤)؟ : أي ليسوا بالغالبين ، ولكنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الغالب. وقال الحسن : إنّ الله يبعث قبل يوم القيامة نارا تطرد الناس من أطراف الأرض إلى الشام ، تنزل معهم إذا نزلوا ، وترحل معهم إذا رحلوا ، فتقوم عليهم القيامة بالشام ، وهو قوله : (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها).
قوله عزوجل : (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) : أي بالقرآن ، أي أنذركم به عذاب الدنيا والآخرة ، يعني المشركين. قوله عزوجل : (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ) (٤٥) : الصمّ ههنا الكفّار ، صمّوا عن الهدى.
قوله عزوجل : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ) : أي عقوبة (مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) : يعني : النفخة الأولى التي يهلك بها كفّار آخر هذه الأمّة بكفرهم وجحودهم (لَيَقُولُنَّ) : أي إذا جاءهم العذاب : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٤٦). وهي مثل الآية الأولى التي في سورة الأعراف : (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا) أي : عذابنا (إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥) [الأعراف : ٥].
قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) : أي العدل (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
ذكر الحسن أنّ عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله ، هل يذكر الرجل حميمه يوم القيامة؟ فقال : ثلاثة مواطن لا يذكر الرجل فيها حميمه : عند الميزان حتّى ينظر أيثقل ميزانه أم يخفّ؟ ، وعند الصراط حتّى ينظر أيجوز أم لا يجوز؟ ، وعند الصحف حتّى ينظر أبيمينه يأخذ صحيفته أم بشماله؟ (٢).
__________________
(١) أورد المؤلّف في تفسير الآية على نحو ما فسّرها به ابن عبّاس حديثا مرسلا عن الحسن. «قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : موت عالم ثلمة في الإسلام لا يسدّها شيء أبدا». ولم أجده فيما بين يديّ من مصادر التفسير والحديث حتّى أتحقّق من صحّته.
(٢) انظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ٤٥ من سورة يونس.