قوله عزوجل : (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) : أي لا ينقص المؤمن من حسناته ولا يزاد عليه من سيّئات غيره ، ولا يزاد على الكافر سيّئات غيره ولا يجازى في الآخرة بحسنة قد استوفاها في الدنيا.
قال : (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) (٤٧) : أي عالمين. وقال الحسن : لا يعلم مثقال الذرّ والخردل إلّا الله ، ولا يحاسب العبد إلّا هو.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يأكلون طعاما فنزلت هذه الآية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨) [الزلزلة : ٧ ـ ٨]. فأمسك أبو بكر وقال : يا رسول الله ، ما من خير عملته إلّا رأيته ، ولا شرّا عملت إلّا رأيته؟ فقال : يا أبا بكر ، أمّا ما رأيت ممّا تكره في الدنيا فمثاقيل الشرّ ، وأمّا مثاقيل الخير فتلقاك يوم القيامة ، ولن يهتك الله ستر عبد فيه مثقال ذرّة من خير (١).
وقال بعضهم : وبلغني في الكافر أنّه ما عمل من مثقال ذرّة خيرا يره في الدنيا ، وما عمل من مثقال ذرّة شرّا يره في الآخرة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يا أيّها الناس لا تغترّوا بالله ، فإنّ الله لو كان مغفلا شيئا لأغفل الذرّة والبعوضة والخردلة (٢).
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ) : يعني التوراة. وفرقانها أنّه فرّق فيها حلالها وحرامها. (وَضِياءً) : أي ونورا (وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) (٤٨) : أي يذكرون به الآخرة.
قوله عزوجل : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) ذكروا عن مجاهد في قوله عزّ
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٣٠ ص ٢٦٨ عن أنس بن مالك ، وأخرجه المروزيّ بمعناه في مسند أبي بكر الصدّيق (رقم ٢٠) ص ٥٧ ، ٥٩. وأورده ابن سلّام عن النضر بن سعيد أو محمّد بن سيرين (كذا) مرسلا بلفظ : «بينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأكل طعامه ومعه أبو بكر إذ نزلت ...». ولم يرد ذكر لعمر معهما إلّا في مخطوطتي ب وع.
(٢) أخرجه ابن سلّام بالسند التالي : أبو أميّة بن يعلى الثقفيّ عن سعيد المقبريّ عن أبي هريرة مرفوعا. وأخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، والديلميّ عن أبي هريرة ، كما في الدرّ المنثور ، ج ١ ص ٤١ ـ ٤٢.