كبير تلك الآلهة. (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) (٥٨) : أي كادهم بذلك لعلّهم يبصرون فيؤمنوا.
فلمّا رجعوا ورأوا ما صنع بأصنامهم (قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قالُوا) : قال الذي استأخر منهم وسمع وعيد إبراهيم للأصنام : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ) : [أي يعيبهم] (١) (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠) قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) (٦١) : أي أنّه كسرها ، فتكون لكم الحجّة عليه (٢) ؛ كأنّهم كرهوا أن يأخذوه إلّا ببيّنة. فجاءوا به ، ف (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ (٦٢) قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) (٦٣). قال الحسن : إنّ كذبه في مكيدته إيّاهم موضوع عنه.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر في حديث الشفاعة حين يأتون آدم ، ثمّ نوحا ، ثمّ إبراهيم ، ثمّ موسى ، ثمّ عيسى ، ثمّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، فذكر ما يقول كلّ نبيّ منهم. فذكر في قول إبراهيم حين سألوه أن يشفع لهم : إنّي لست هناكم. ويذكر ثلاث كذبات. قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، وقوله : (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ، وقوله لامرأته سارّة : إن سألوك فقولي : إنّه أخي.
وهذا ليس من قول المسلمين ، وهذه رواية ليس بالمجتمع عليها. والكذب منفيّ عن خليل الرحمن. وأمّا قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) فممّا يعملون من المعاصي ، وقد أمرهم بغير ذلك ، مثل ما يقول القائل : أسقمني هذا الكلام إذا فعل خلاف ما أمره به. وأمّا قوله لامرأته سارّة : إن سألوك فقولي : إنّه أخي ، فهي أخته في الدين ، وهي أيضا أخته ؛ لأنّها ابنة آدم ، وهو ابن آدم. وأمّا قوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ، فتوبيخ ، ولا يقع الكذب في التوبيخ. فهذا أولى التأويل بالنبيّ عليهالسلام ممّا أوردت الرواة أنّه كذب ثلاث كذبات (٣).
__________________
(١) زيادة من ز ورقة ، ٢١. قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٠٣ : «قوله : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ..). أي يعيبهم ، وأنت قائل للرجل : لئن ذكرتني لتندمنّ ، وأنت تريد : بسوء. قال عنترة :
لا تذكري مهري وما أطعمته |
|
فيكون جلدك مثل جلد الأشهب |
أي : لا تعيبيني بأثرة مهري ، فجعل الذكر عيبا».
(٢) ويقال : لعلّهم يشهدون أمره وما يفعل به.
(٣) هذه الفقرة كلّها غير واردة في سع ولا ز ، فهي ولا شكّ زيادة من زيادات الشيخ الهوّاريّ في تأويل هذه الكذبات. أمّا الطبريّ فيتأوّل الكذبات على ظاهرها ، ويردّ على «من لا يصدّق بالآثار» قائلا : «وهذا قول ـ