جسده ، فسلّطه الله عليه. فمكث سبع سنين وأشهرا حتّى وقعت الأكلة في جسده. وبلغنا أنّ الدودة كانت تقع من جسده فيردّها في مكانها فيقول : كلي ممّا رزقك الله من لحمي. قال الحسن : فدعا ربّه : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (٤١) [سورة ص : ٤١] وقال في هذه الآية : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٨٣). فأوحى الله إليه أن اركض برجلك. فركض برجله ركضة فإذا هو يستطيع القيام ، وإذا عين فاغتسل منها ، فأذهب الله تبارك وتعالى ظاهر دائه. ثمّ مشى على رجليه أربعين ذراعا ، ثمّ قيل له : اركض برجلك أيضا ركضة ، فركض ركضة أخرى [فإذا عين فشرب منها] (١) ، فأذهب الله تبارك وتعالى باطن دائه ، وردّ عليه أهله وأولاده وأمواله من البقر والغنم والحيوان وكلّ شيء أهلك بعينه. ثمّ أبقاه الله فيها حتّى وهب الله له من نسولها أمثالها. فهو قوله : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ).
وقال الحسن : إنّ الله أحيى أولاد أيّوب بأعيانهم ، وكانوا ماتوا قبل آجالهم ، وإنّ الله أبقاهم حتّى أعطاه من نسولهم مثلهم. ثمّ إنّ إبليس قال : يا أيّوب ، وهو يأتيه عيانا ، اذبح لي سخلة من غنمك ، قال : لا ، ولا كفّا من تراب.
ذكروا عن ابن مسعود أنّه كان يقول : لا يبلغ العبد الكفر والإشراك بالله حتّى يصلّي لغير الله ، أو يدعو غير الله ، أو يذبح لغير الله.
ذكروا عن الحسن أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى يحتجّ على الناس يوم القيامة بثلاثة من الأنبياء ، فيجيء العبد فيقول : رب أعطيتني في الدنيا جمالا فأعجبت به ، ولو لا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول الله : الجمال الذي أعطيتك في الدنيا أفضل أم الجمال الذي أعطي يوسف؟ فيقول العبد : بل الجمال الذي أعطي يوسف. فيقول الله : إنّ يوسف كان يعمل بطاعتي فيحتجّ عليه بذلك. ويأتي العبد فيقول : يا ربّ ، ابتليتني في الدنيا ، ولو لا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول الله : آلبلاء الذي ابتليت به في الدنيا أشدّ أم البلاء الذي ابتلي به أيّوب؟ فيقول العبد : بل البلاء الذي ابتلي به أيّوب. فيقول الله : قد كان أيّوب يعمل بطاعتي ، فيحتجّ عليه بذلك. ويجيء العبد فيقول : يا ربّ ، أعطيتني ملكا في الدنيا فأعجبت به ، ولو لا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول الله تبارك وتعالى : آلملك الذي أعطيتك في الدنيا أفضل أم الملك الذي أعطي سليمان بن داود؟ فيقول العبد :
__________________
(١) زيادة من سع ، ورقة ٣٥ ظ.