الإنس ؛ فلا يولد من الإنس مولود إلّا ولد من الجنّ تسعة. وجزّأ الإنس عشرة أجزاء ؛ تسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائرهم بنو آدم ، يعني ما سوى يأجوج ومأجوج من ولد آدم. وكان الحسن يقول : الإنس كلّهم من عند آخرهم ولد آدم. والجنّ كلّهم من عند آخرهم ولد إبليس.
قوله عزوجل : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) : أي النفخة الآخرة (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي إلى إجابة الداعي إلى بيت المقدس. (يا وَيْلَنا) : أي يقولون : يا ويلنا (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) : يعني تكذيبهم بالساعة (بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) (٩٧) : أي لأنفسنا.
قوله عزوجل : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) : أي يحصب بهم فيها (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) : أي داخلون ، في تفسير الحسن. يعني الشياطين الذين دعوهم إلى عبادة الأوثان ؛ لأنّهم بعبادتهم الأوثان عابدون للشياطين ، وهو قوله عزوجل : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) [يس : ٦٠].
قال الكلبيّ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام مقابل باب الكعبة ثمّ قرأ هذه الآية ، فوجد منها أهل مكّة وجدا شديدا. فقال ابن الزبعريّ : أرأيت هذه الآية التي قرأت آنفا ، أفينا وفي آلهتنا خاصّة أم في الأمم وفي آلهتهم معنا؟ قال : لا ، بل فيكم وفي آلهتكم ، وفي الأمم وآلهتهم (١). فقال : خصمتك وربّ الكعبة. قد علمت أنّ النصارى يعبدون عيسى وأمّه ، وأنّ طائفة من الناس يعبدون الملائكة. أفليس هؤلاء مع آلهتنا في النار؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وضحكت قريش وضجّوا. فذلك قول الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (٥٧) أي يضحكون (وَقالُوا) يعني قريشا : (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) (٥٨) [الزخرف : ٥٧ ـ ٥٨]. وقال ههنا في هذه الآية وفي جواب قولهم : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١٠١) [الأنبياء : ١٠١] يعني عيسى والملائكة. وقال بعضهم : إنّ اليهود قالت : ألستم تزعمون أنّ عزيرا في الجنّة وأنّ عيسى في الجنّة؟ وقد عبدا من
__________________
(١) أخرج الطبريّ عن ابن عبّاس هذا الخبر مختصرا ، وجاء عن ابن إسحاق مطوّلا في سبب نزول هذه الآية ، كما أورده السيوطيّ والواحديّ بألفاظ متقاربة. انظر تفسير الطبريّ ، ج ١٧ ص ٩٦ ، والدر المنثور ، ج ٤ ص ٣٣٨ ، وأسباب النزول ، ص ٣١٥ ـ ٣١٦.