دون الله. فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ). فعيسى وعزير ممّن سبقت لهم الحسنى ، وما عبدوا من الحجارة والخشب والجنّ وعبادة بعضهم بعضا وكلّ ما عبدوا حصب جهنّم. ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : الشمس والقمر ثوران عقيران في النار (١).
وقال بعضهم : ألستم تقرأون : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) قال : أظنّهما يمثلان لمن عبدهما في النار ، يوبّخون بذلك.
وفي كتاب الله عزوجل : إنّ الشمس والقمر يسجدان لله ، وهو قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [الحج : ١٨].
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : إنّ الشمس تطلع من حيث يطلع الفجر ، وتغرب من حيث يغرب الفجر. فإذا أرادت أن تطلع تقاعست حتّى تضرب بالعمد ، وتقول : يا ربّ إنّي إذا طلعت عبدت دونك ، فتطلع على ولد آدم كلّهم ، فتجري إلى المغرب ، فتسلّم ، ويردّ عليها ، وتسجد فينظر إليها ، ثمّ تستأذن فيؤذن لها حتّى تأتي بالمشرق ، والقمر كذلك ، حتّى يأتي عليها يوم تغرب فيه ، فتسلّم فلا يردّ عليها ، فتسجد فلا ينظر إليها ، ثمّ تستأذن فلا يؤذن لها. فتقول : يا ربّ إنّ المشرق بعيد ولا أبلغه إلّا بجهد ، فتحبس حتّى يأتي القمر ، فيسلّم فلا يردّ عليه ، فيسجد فلا ينظر إليه ، ويستأذن فلا يؤذن له ، ثمّ يقال لهما : ارجعا من حيث جئتما ، فيطلعان من المغرب كالبعيرين المقرونين ، وهو قوله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) أي بالموت (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) أي : بأمره (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) [الأنعام : ١٥٨] وهو طلوع الشمس من المغرب.
قوله عزوجل : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) : يعني جهنّم ، أي : ما دخلوها ،
__________________
(١) في ب : «نوران عفيران» وفيه تصحيف في الكلمتين ، والصواب ما أثبتّه : «ثوران عقيران». أي : معقوران ، وأصل العقر قطع قوائم الفرس أو البعير ، ثمّ اتّسع المعنى فاستعمل للنحر والقتل والإهلاك. وقد أورد صاحب اللسان هذا الحديث من حديث كعب. والحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أنس. وقد ضعّف الحديث لوجود يزيد الرقاشيّ في سنده. وأخرجه البخاريّ عن أبي هريرة في كتاب بدء الخلق ، باب صفة الشمس والقمر بلفظ : «الشمس والقمر مكوّران يوم القيامة». وأخرجه الطحاويّ في مشكل الآثار بلفظ : «الشمس والقمر ثوران مكوّران في النار يوم القيامة».