أي لامتنعوا بآلهتهم. قال عزوجل : (وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) (٩٩) : أي العابدون والمعبودون.
قوله عزوجل : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) : قال الحسن : الزفير : اللهب (١). ترفعهم بلهبها حتّى إذا كانوا بأعلاها ضربوا بمقامع من حديد فهووا إلى أسفلها سبعين خريفا. قال بعضهم : إنّ أهل النار يدعون مالكا فيذرهم مقدار أربعين عاما لا يجيبهم ، ثمّ يقول : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧]. ثمّ يدعون ربّهم فيذرهم مقدار عمر الدنيا مرّتين ثمّ يجيبهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨) [المؤمنون : ١٠٨] قال : فما نبسوا بعدها بكلمة ، ولا كان إلّا الزفير والشهيق في نار جهنّم ، فشبّه أصواتهم بأصوات الحمير أوّله زفير وآخره شهيق.
قوله عزوجل : (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠). ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : إنّ أهل النار خلود ، جعلوا في توابيت من نار ، ثمّ ستر عليها بمسامير من نار ، ثمّ جعلت التوابيت في توابيت أخرى ، تلك التوابيت في توابيت أخرى ، فلا يرون أنّ أحدا يعذّب في النار غيرهم ، ثمّ تلا هذه الآية : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ). قال الحسن : ذهب الزفير بسمعهم فلا يسمعون معه شيئا.
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) : أي صوتها ، في قول الحسن. وقال ابن عبّاس : حسيسها : حسّها. قال : ولا صوتا. وإنّها تلظّى على أهلها. قوله عزوجل : (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (١٠٢).
قال بعضهم : بلغنا أنّ أهل الجنّة يكون في أحدهم الطعام فيخطر على قلبه طعام آخر ، فيتحوّل في فيه ذلك الطعام الذي اشتهى. وقال في آية أخرى : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) (٧١) [الزخرف : ٧١].
قوله تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) : أي النفخة الآخرة. قال بعضهم : إذا أيقن أهل النار بالخلود ، فعند ذلك يقولون : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها) أي من النار (فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا
__________________
(١) كذا وردت الكلمة في ب وع ، وفي سع ورقة ٣٧ ظ : «الزفير اللهب». وهو خطأ ولا شكّ ، والزفير «اغتراق النفس للشدّة» كما عرّفه الجوهريّ في الصحاح ، وهو صوت يخرج من أقصى الحلق. وهو «أوّل صوت الحمار ، وآخره الشهيق». وانظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١٠٦ من سورة هود (التعليق).