الْأَرْضَ) : يعني أرض الجنّة (يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥) : وهم المؤمنون. وقال ابن عبّاس : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) أي زبور داود (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) أي التوراة. (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) أي : أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (إِنَّ فِي هذا) : أي القرآن (لَبَلاغاً) : أي إلى الجنّة (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) : (١٠٦) أي الذين يصلّون الصلوات الخمس (١).
قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧) : قال بعضهم : من آمن بالله ورسوله تمّت عليه الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن كفر بالله ورسوله عوفي ممّا عذّبت به الأمم السالفة ، وله في الآخرة النار ؛ قال : وإنّ الله أخّر عذاب كفّار هذه الأمّة بالاستئصال إلى النفخة الأولى ، بها يكون هلاكهم.
قوله : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٨) : وكذلك جاءت الرسل قبل محمّد عليهالسلام ؛ وهو قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢٥) [الأنبياء : ٢٥] أي لا تعبدوا غيري.
قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أي كفروا (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) : قال بعضهم : على مهل. قال الحسن : من كذّب بي فهو عندي سواء ، يعني أنّ جهادهم كلّهم سواء عندي (٢). وهو كقوله : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) [الأنفال : ٥٨] ، أي ليكون حكمك فيهم سواء : الجهاد والقتل لهم أو يؤمنوا. وهؤلاء مشركو العرب. وأمّا أهل الكتاب فإنّه يقاتلهم حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية. وجميع المشركين ما خلا العرب بتلك المنزلة. وأمّا نصارى العرب فقد فسّرنا أمرهم في غير هذه السورة (٣).
__________________
(١) كذا في ع ، وفي سع : «عن قتادة : (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) أي عاملين».
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٤٣ : (آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) إذا أنذرت عدوّك وأعلمته ذلك ونبذت إليه الحرب حتّى تكون أنت وهو على سواء وحذر ، فقد آذنته على سواء». وهذا غاية في الإيضاح مع الإيجاز ، وهو أولى بالتأويل.
(٣) انظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ٢٩ من سورة التوبة ، وج ١ ، تفسير الآية ٢٥٦ من سورة البقرة. وانظر في معاملة نصارى العرب ما كتبه أبو عبيد القاسم بن سلّام في كتابه الأموال ، ص ٣٤ ـ ٣٩. وانظر ـ