مبينا للمجهول (١) من التنزيل (مِنْ أَمْرِهِ) بإرادته (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أن يخصّه بالرسالة ، وفيه رد لإنكارهم لاختصاصه بالعلم بدنوّ موعدهم (أَنْ) أي بأن أو أي (أَنْذِرُوا) خوّفوا الكفرة بالعقاب واعلموهم (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) خافوا مخالفتي.
[٣] ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) بمقتضي الحكمة (تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) به من خلقه.
[٤] ـ (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) ماء أي منّي لا حسّ به ولا حراك (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ) منطيق (٢) يجادل عن نفسه (مُبِينٌ) لحجته أو خصيم محاجّ لربّه قائلا :
(مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (٣).
[٥] ـ (وَالْأَنْعامَ) الإبل والبقر والغنم ، ونصب بفعل يفسره (خَلَقَها لَكُمْ) لانتفاعكم وبيّنها بقوله : (فِيها دِفْءٌ) ما يستدفأ به من البرد من لباس ونحوه (وَمَنافِعُ) من نسل ودرّ (٤) وركوب (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ما يؤكل منها كاللحوم والألبان ، وقدم الظرف للفاصلة.
[٦] ـ (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) زينة (حِينَ تُرِيحُونَ) تردّونها إلى مراحها بالعشي (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) ترسلونها إلى مرعاها بالغداة.
[٧] ـ (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ) أحمالكم (إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) بأنفسكم من دون الأثقال (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) بمشقتها (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) بكم ، حيث أنعم عليكم بخلقها لكم.
[٨] ـ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ) عطف على «الأنعام» (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) ولتتزينوا بها زينة ، ولا دلالة لها على حرمة لحومها ، إذ تعليل خلقها بما يقصد منهما
__________________
(١) تفسير البيضاوي ٣ : ٩٢.
(٢) المنطيق : البليغ.
(٣) في سورة يس : ٣٦ / ٧٨.
(٤) الدرّ اللبن.