مُسَخَّراتٍ) مذللات للطيران بأجنحتها (فِي جَوِّ السَّماءِ) الهواء البعيد من الأرض (ما يُمْسِكُهُنَ) عن السقوط (إِلَّا اللهُ) بقدرته (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وهي خلقها بحيث يمكنها الطيران ، وخلق الجوّ بحيث يمكن الطيران فيه ، وإلهامها بسط الجناح وقبضه.
[٨٠] ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) موضعا تسكنون فيه مما يتخذ من الحجر والمدر (١) (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) القباب من الأدم أو ما يعم ، المتخذة من الشعر والصوف والوبر ، فإنها ممن جلودها لبنائها عليها (تَسْتَخِفُّونَها) للحمل والنقل (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) وقت رحلتكم. وسكن العين «الكوفيون» و «ابن عامر» ، وفتحها غيرهم (٢) (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) في مكان تنزلون فيه لا يثقل عليكم ضربها (وَمِنْ أَصْوافِها) أي الضّأن (وَأَوْبارِها) أي الإبل (وَأَشْعارِها) أي المعز (أَثاثاً) فرشا وأكسية (وَمَتاعاً) تتمتعون به (إِلى حِينٍ) تبلى فيه ، أو الى موتكم.
[٨١] ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ) من الشجر والابنية وغيرها (ظِلالاً) تقيكم حرّ الشمس جمع «ظل» (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) تسكنون فيه من الكهوف والغيران ، (٣) جمع «كن» (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) قمصانا من النبات وغيره (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد ، دلّ أحد الضدين على الآخر فحذف أحدهما وخص بالذكر أهمهما عندهم (وَسَرابِيلَ) دروعا وجواشن (تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) حربكم ، أي بالطعن والضرب (كَذلِكَ) كما أنعم عليكم بهذه النعمة (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) في الدنيا ؛ بتدبير أموركم (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) تتفكرون في نعمته فتوحدونه وتنقادون لأمره.
[٨٢] ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا عن الإيمان فلا لوم عليك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وقد بلّغت.
__________________
(١) المدر : الطين العلك الذي لا يخالطه رمل.
(٢) تفسير مجمع البيان ٣ : ٣٧٦.
(٣) الغيران : جمع غار.