فأخبر به قريشا ، فتعجّبوا منه وكذّبوه وارتدّ بعض من آمن به ، فاستوصفه جماعة سافروا الى بيت المقدس فجلّي له ، فجعل يلحظه ويصفه لهم ، فقالوا : امّا الوصف فقد أصاب فيه ، فسألوه عن عيرهم ، فأخبرهم بأحوالها وقال : تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس ، فخرجوا الى الثنيّة (١) فصادفوها كما أخبر ، ولم يؤمنوا ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة.
والأكثر على انّه اسري بجسده الى بيت المقدس ثم عرج به الى السّماء حتّى وصل الى سدرة المنتهى.
وقيل : اسري بروحه في المنام لا بجسده ، (٢) استحالة له.
ويدفعه : انّه داخل تحت قدرة الله تعالى فلا يمتنع ، وانّ خرق العادة من لوازم المعجزات (٣). (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) بيت المقدس لبعد ما بينهما (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) في الدّين والدّنيا بجعله مقرّ الأنبياء ومهبط الملائكة ، وحفّه بالأشجار والأنهار ، وفيه التفات من الغيبة (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) العجيبة كبلوغه بيت المقدس وما رأي فيه وعروجه الى السماء وما شاهد هناك ، ورجوعه في بعض ليلة (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال رسوله (الْبَصِيرُ) بأفعاله ، فأكرمه بهذه الكرامة.
[٢] ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا) «أن» مفسرة أو زائدة (٤) والقول مضمر ، وقرأ «أبو عمرو» بالياء ، أي : لئلا «يتخذوا» (٥) (مِنْ دُونِي وَكِيلاً) تكلون إليه أمركم.
__________________
(١) الثنيّة مؤنّث الثنى والعقبة او طريقها والجبل او الطريقة فيها او اليه.
(٢) قاله معاوية وعائشة ـ كما في تفسير الكشّاف ٢ : ٦٤٧ ـ.
(٣) قرر علماء الطائفة في المعراج انه كان في اليقظة وبجسمه الشريف وصرح بذلك الشيخ الطوسي في تفسير التبيان ٦ : ٤٤٦ ، والطبرسي في تفسير مجمع البيان ٣ : ٣٩٥ ، وغيرهما.
(٤) تفسير مجمع البيان ٣ : ٣٩٤ وحجة القراآت : ٣٩٦.
(٥) تفسير مجمع البيان ٣ : ٣٩٤ وحجة القراآت : ٣٩٦.