قيل خطب «موسى» النّاس فسئل : هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال : لا ، فأوحى الله إليه : بل عبدنا الخضر أعلم منك ، وهو بمجمع البحرين ، فقال «موسى» عليهالسلام : كيف لي به؟ قال : تأخذ حوتا في مكتل (١) فحيث فقدته فهو هناك ، فقال لفتاه : إذا فقدت الحوت فأخبرني ، فمضيا.
[٦١] ـ (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) بين البحرين أي موضع اجتماعهما (نَسِيا حُوتَهُما) تركاه ، أو ضلّ عنهما ، فسمّى ضلاله نسيانا له منهما.
وقيل : نسى «موسى» تعرّف حاله ويوشع أن يحمله ، أو يذكر لموسى ما رأى من حياته ، فإنّهما لمّا أتيا الصّخرة ناما واضطرب الحوت المشوىّ وخرج من المكتل وسقط في البحر (٢) (فَاتَّخَذَ) الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) مسلكا ، مفعول ثان ، و «في البحر» حال منه.
وأصله الشّقّ في الأرض لا نفاذ له ، قيل : امسك الله جرى الماء عن الحوت فصار كالكوّة لا يلتئم.
[٦٢] ـ (فَلَمَّا جاوَزا) ذلك المكان بالسير الى وقت الغداء من ثاني يوم (قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا) هو طعام الغداة (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) تعبا : قيل لم ينصب حتّى جاوز الموعد (٣).
[٦٣] ـ (قالَ أَرَأَيْتَ) ما وقع (إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ) بذلك المكان (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) تركته أو نسيت ذكر خبره (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) ـ بدل اشتمال من الهاء وضمّها «حفص» ـ (٤) الحوت (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)
__________________
(١) المكتل : الزنبيل.
(٢) تفسير البيضاوي ٣ : ١٤٧.
(٣) تفسير مجمع البيان ٣ : ٤٨١.
(٤) حجة القراآت : ٤٢٢.