(وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) ما عمل من الكفر والمعاصي (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) أغطية (أَنْ يَفْقَهُوهُ) كراهة أن يفهموا القرآن (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) صمما ، فلا يسمعونه ، مثل لنبوّ قلوبهم ومسامعهم عن قبوله.
وأسند إليه تعالى إيذانا بتمكنه منهم كالجبلّة (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) وقد وقع ما اخبر به ، فماتوا كفّارا.
[٥٨] ـ (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) البليغ المغفرة ، مالك الرّحمة ، ولذلك أمهل اعداء رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قال : (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) في الدّنيا (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) وهو يوم القيامة (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) منجى وملجأ ، يقال : وأل : نجا ، ووأل إليه : لجأ إليه.
[٥٩] ـ (وَتِلْكَ الْقُرى) أي أهلها كعاد وثمود وغيرهم ، وهو منصوب بما يفسّره (أَهْلَكْناهُمْ) أو هما مبتدأ وخبر (لَمَّا ظَلَمُوا) كفروا (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ) بضمّ الميم (١) أي لإهلاكهم ، وفتح «أبو بكر» أي لهلاكهم وكسر «حفص» اللّام (٢) (مَوْعِداً) وقتا معلوما.
[٦٠] ـ (وَإِذْ) واذكر إذ (قالَ مُوسى) هو ابن عمران (لِفَتاهُ) يوشع بن نون بن افراثيم بن يوسف عليهمالسلام ، (٣) سمّى فتاه لأنّه كان يتبعه ويخدمه (لا أَبْرَحُ) لا أزال أسير ، حذف الخبر لدلالة حال السّفر عليه.
أو لا أزول عمّا أنا عليه من السّير (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) ملتقى بحري فارس والرّوم (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) أسير دهرا طويلا.
__________________
(١) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «لمهلكهم» بفتح الميم وكسر اللام ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.
(٢) حجة القراآت : ٤٢١ والسبعة القراآت : ٣٩٣.
(٣) تفسير مجمع البيان ٣ : ٤٨٠ وفي تفسير البيضاوي : «افرائيم».