ملك أو نبيّ في عصرها ، لمّا ولدتك وخافت أن يقتلك «فرعون» في جملة من يولد (ما يُوحى) ما يجب أن يوحى لعظم شأنه ، أو ما لا يعلم إلّا بالوحي.
[٣٩] ـ (أَنِ) «بأن» أو : أي (اقْذِفِيهِ) ضعيه (فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ) بالتّابوت (فِي الْيَمِ) : البحر ، يعني : «النّيل» (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) أي بشاطئه.
أمر معناه الخبر (يَأْخُذْهُ) جواب «فليلقه» (عَدُوٌّ لِي) في الحال (وَعَدُوٌّ لَهُ) في المآل وهو «فرعون» وكرّر «عدوّ» مبالغة.
قيل : جعلت في التّابوت قطنا ووضعته فيه وقيّرته وألقته في «النّيل» وكان يشرع منه الى بستان «فرعون» نهر ، فدفعه الماء فيه الى بركة ، كان فرعون جالسا عليها مع «آسية» فأمر به فأخرج ففتح فإذا صبيّ أصبح النّاس وجها فأحبّه حبّا شديدا ، (١) كما قال : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً) كائنة (مِنِّي) أي جعلتك بحيث يحبّك من يراك حتّى أحبك «فرعون» أو أحببتك ، ومن أحببته أحبّته القلوب (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) تربّى وأنا مراعيك وحافظك. عطف على مقدّر ، مثل ليتعطّف عليك ، وفتح «نافع» و «أبو عمرو» الياء (٢).
[٤٠] ـ (إِذْ) ظرف ل «ألقيت» أو «لتصنع» (تَمْشِي أُخْتُكَ) مريم لتتعرّف خبرك ، فرأتهم يطلبون لك مرضعة تقبل ثديها بعد أن أحضروا مراضع فلم تقبل جميعها ، (فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ) فقالوا : نعم ، فجاءت بأمّه فقبل ثديها. (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ) لوعدنا : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ). (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) برؤيتك (وَلا تَحْزَنَ) بفراقك. (وَقَتَلْتَ نَفْساً) هو «القبطىّ» فاغتممت خوفا من اقتصاص «فرعون» (فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ) بالأمن منه (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) واختبرناك اختبارا ، أو اختبارات متعدّدة ، على انّه جمع فتن فخلّصناك من محنة بعد محنة.
__________________
(١) نقله البيضاوي في تفسيره ٣ : ١٧٤ والزمخشري في تفسير الكشّاف ٣ : ٦٣ مع اختلاف يسير.
(٢) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٠٩.