[٢١] ـ (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) علما (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ردّ لما وصفه به من الكفر ، ثمّ قصد الى ردّ امتناعه بالتّربية بقوله :
[٢٢] ـ (وَتِلْكَ) التّربية (نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) اتّخذتهم عبيدا ، تذبّح أبنائهم أي ما امتننت به في الحقيقة ، هو تعبّدك ايّاهم فإنّه سبب حصولي عندك وتربيتك ، فهو نقمة لا نعمة.
وقد يضمر همزة انكار اي «او تلك» ، ومحلّ «ان عبّدت» رفع بأنّه خبر محذوف أو بدل «نعمة» أو نصب بنزع اللام أي انّما صارت نعمة لأن «عبّدت» ولو لا لكفاني أهلي ولم يلقوني في اليمّ.
وقيل : «تلك» اشارة الى خصلة شنعاء مبهمة ، وبيانها «ان عبّدت» والمعنى تعبيدكهم «نعمة» «تمنّها عليّ» ووحّد الضّمير في «تمنّها» وجمع فيما قبله لأنّ المنّة منه والخوف والفرار من ملائه معه.
[٢٣] ـ (قالَ فِرْعَوْنُ) ـ تعنّتا حين بلّغه الرّسالة ـ : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) الّذي ادّعيت انّك رسوله ، أي ايّ شيء هو؟ تفتيش عن حقيقته ، ولمّا امتنع تعريفه إلّا باللوازم عرّفه بأظهر خواصّه.
[٢٤] ـ (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) أي خالق جميع ذلك (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) بشيء قطّ ، فهذا اولى ما توقنون به لظهور آثار الحدوث في هذه الأشياء ، فلها محدث واجب قديم هو ربّ العالمين.
[٢٥] ـ (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ) ـ من أشراف قومه تعجيبا لهم ـ : (أَلا تَسْتَمِعُونَ) جوابه لسؤالي عن حقيقته بذكر صفاته أو بنسبة الرّبوبيّة الى غيري.
[٢٦] ـ (قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) انتقال الى ما هو اظهر للنّاظر وأقرب إليه ، ولا يشكّ في احتياجه الى صانع يصرفه من حال الى حال.