حولهم (يُجْبى) يجلب ، وقرأ «نافع» بالتّاء (١) (إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) من كلّ بلد (رِزْقاً) مصدر من معنى «يجبى» (مِنْ لَدُنَّا) هذا ، وهم كفرة فكيف يسلبون (٢) الأمن إذا ضمّوا الى حرمة البيت حرمة الإسلام (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لا يتأمّلون ليعلموا ذلك.
[٥٨] ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) أي أهلها (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) أي كانوا مثلكم في الأمن وسعة الرّزق فبطروا (٣) فأهلكناهم ، وانتصب «معيشتها» بنزع «في» أو بجعلها ظرفا بنفسها أو بحذف مضاف أي زمن «معيشتها» أو بتضمين «بطرت» معنى كفرت (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ) خربة (لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً) من السّكنى ، للمارّة يوما أو ساعة (وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) لها منهم.
[٥٩] ـ (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها) في أصلها الّتي هي توابعها (رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) لإلزام الحجّة ، وفيه التفات (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) بالكفر وتكذيب الرّسل.
[٦٠] ـ (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) من أعراض الدّنيا (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) تتمتّعون به وتتزيّنون به أيّام حياتكم الفانية (وَما عِنْدَ اللهِ) وهو : ثوابه (خَيْرٌ) في نفسه من ذلك (وَأَبْقى) لأنّه سرمد (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ذلك ، فتؤثروا الخير الباقي ، وقرأ «أبو عمرو» بالياء (٤).
[٦١] ـ (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) وهو الثّواب الباقي (فَهُوَ لاقِيهِ) مدركه لا محالة (كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) الفاني المنغّص بالآلام (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)
__________________
(١) حجة القراآت : ٥٤٨.
(٢) في «ج» : يسلبوا.
(٣) البطر : التجبّر وكفران النعمة.
(٤) حجة القراآت : ٥٤٨.