وألقى الإمام عليهالسلام الأضواء بصورة موضوعية وشاملة على رواة الأحاديث النبوية ، وعرض بتحليل رائع لدوافع رواياتهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، التي هي متباينة كأشدّ ما يكون التباين ، فقد عمد بعضهم إلى وضع الأحاديث وافتعالها ، وسها آخرون عن نصوص الأحاديث فرووا ما يغايرها ، إلى غير ذلك من الدوافع والأغراض ، ومن المؤكّد أنّ المسلمين لو علموا أو ميّزوا الأحاديث المفتعلة لتبرّؤا منها ، وما سجّلها الثقات في السنن والصحاح.
وعلى أي حال فيعتبر حديث الإمام عليهالسلام في هذا الموضوع من أروع الدراسات العلمية عن الأحاديث النبوية ، وقد روى ذلك الثقة الزكي سليم بن قيس الهلالي (١)
__________________
(١) سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي ، من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأصحاب الأئمّة : الحسن والحسين وعليّ بن الحسين عليهمالسلام ، كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي في رجاله ، وقد طلبه الحجّاج الطاغية الأثيم ليقتله فهرب منه ، وأوى إلى أبان بن أبي عيّاش ، فاستقام عنده ، ولمّا حضرته الوفاة دفع إليه كتابه الذي سجّل فيه الأحاديث المروعة التي وقعت بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعانى ويلاتها وكوارثها عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويعتبر كتابه عند النعماني من أكبر كتب الاصول التي رواها أهل العلم ، وأنّ جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم عليه السلام ولا بدّ من تصديقه وقبول رواياته إلاّ أنّ الشيخ المفيد رحمه الله لم يوثق هذا الكتاب لأنّه قد حصل فيه خلط وتدليس.
وقد أطال السيّد الاستاذ الخوئي رحمهالله البحث في تحقيق هذا الكتاب ، ومدى صحّة الناقدين له ، وقد ناقش جملة من أقوال الناقدين ، وأنّها بعيدة عن الصحّة ، يراجع في ذلك معجم رجال الحديث ٨ : ٢١٨ ـ ٢٣٠.