رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورآه وسمع منه ... وأخذوا ـ أي الناس ـ عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : ( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (١) ، ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضّلالة والدّعاة إلى النّار بالزّور والكذب والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب النّاس ، وأكلوا بهم الدّنيا ، وإنّما النّاس مع الملوك والدّنيا إلاّ من عصم الله ... ».
وحكى هذا المقطع من حديث الإمام عليّ عليهالسلام امورا بالغة الأهمّية وهي :
أولا : أنّ ما بأيدي الناس من الأحاديث التي يروونها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متباينة لا يعرفون واقعها ، فبعضها صدق ، وبعضها كذب ، وهي بين عامّ وخاصّ ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وقد جهلوا ذلك ، ولم يميّزوا بعضها عن بعض.
ثانيا : أنّ الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحدث بعد وفاته ، وإنّما كان في حياته ، ممّا دعا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحذّر الكاذبين ، وشدّد عليهم النكير ، وبشّرهم بنار جهنّم.
ثالثا : ذكر أنّ نقلة الحديث أربعة أشخاص ، وذكر القسم الأوّل وهم المنافقون الذين يظهرون الإسلام بألسنتهم وقلوبهم مطوية على الكفر والإلحاد ، وهؤلاء لا يتحرّجون من الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وافتعال الأحاديث الباطلة ونسبتها له ، ولو علم الناس بافتعال أحاديثهم لما أخذوا بها واجتنبوها ، لقد اغترّ الناس بهم لأنّهم رأوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبوه وسمعوا منه ، وظنّ الناس بهم خيرا ، ولم يعرفوا واقعهم أنّهم على ضلال ... وهؤلاء المنافقون أمثال سمرة بن جندب وعمرو بن العاص
__________________
(١) المنافقون : ٤.