« وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم ينسه ـ أي الحديث ـ بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، وعلم النّاسخ من المنسوخ ، فعمل بالنّاسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل القرآن ناسخ ومنسوخ ، وخاصّ وعامّ ، ومحكم ومتشابه ، قد يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الكلام له وجهان كلام عامّ ، وكلام خاصّ مثل القرآن ، وقال الله عزّ وجلّ في كتابه : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله ».
الصنف الرابع من الرواة وهم المتحرّجون في دينهم الذين يخافون الله ولا يكذبون ، وهم الذين يحفظون الحديث على وجهه ، ويشيعونه بين الناس ، قد عرفوا الناسخ من المنسوخ ، والخاصّ من العامّ ، والمحكم من المتشابه ، وهؤلاء حديثهم من أرقى أصناف الحديث ، ومن أكثره صدقا ، ويجب الأخذ به.
ويستمر الإمام عليهالسلام في حديثه قائلا :
« وليس كلّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يسأله عن الشّيء فيفهم ، وكان منهم من يسأله ، ولا يستفهمه ، حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابيّ ، والطّاري (٢) فيسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يسمعوا ... ».
تحدّث الإمام عليهالسلام في هذه الكلمات عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّهم ليسوا على مستوى واحد من الإدراك والفهم ، فبعضهم يسأل عن الشيء فيجيبه
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) الطّاري : الغريب.