ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا فقلت : يا نبيّ الله ، بأبي أنت وأمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ، ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ النّسيان فيما بعد؟ فقال : لا لست أتخوّف عليك النّسيان والجهل » (١).
وأعرب الإمام عليهالسلام بهذه الكلمات عن شدّة اتّصاله بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه من ألصق الناس به وأقربهم إليه ، وأنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أفاض عليه علومه ومعارفه ، وأنّه قد دعا له بأن لا ينسى ما علّمه ، وقد استجاب الله دعاءه فكان الإمام عليهالسلام لا ينسى أي شيء عهد به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه.
صحة هذا الحديث :
ونال هذا الحديث الدرجة القطعية من الصحّة ، فقد عرضه بنصّه أبان على الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام بعد موت أبيه الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام ، فاغرورقت عينا الإمام ، وقال :
« صدق سليم ما قد أتى ـ يعني سليم ـ أبي بعد قتل جدّي الحسين عليهالسلام وأنا قاعد عنده فحدّثه بهذا الحديث بعينه ، فقال له أبي : صدقت ، قد حدّثني أبي وعمّي الحسن عليهماالسلام بهذا الحديث عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم ، فقالا له : صدقت قد حدّثك بذلك ونحن شهود » (٢).
وبهذا ينتهي بنا المطاف عن الأضواء التي ألقاها الإمام عليهالسلام على الأحاديث النبوية ، فقد عرض لها بصورة موضوعية وشاملة.
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ٦٢ ـ ٦٤.
روي قريب من صدر الحديث في الامتاع والمؤانسة ٣ : ١٩٧.
(٢) رجال الكشيّ ١٠٥.