الأموية ، الذي لم يأل جهدا في محق الإسلام ، وإطفاء نوره وإخفاء معالمه ، وليس في هذا القول تجنّيا عليه أو انقيادا لعاطفة ، وإنّما الدراسة الواعية لأحداث التأريخ هي التي تدلّل على ذلك ، فقد تفجرت سياسته بكلّ ما خالف كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه والتي منها إعدامه لأعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، واغتياله لسبط رسول الله الإمام الحسن عليهالسلام وغير ذلك من الأحداث الجسام.
وعلى أي حال فقد عمد معاوية إلى عصابة من حزبه وعملائه إلى افتعال الحديث وتنسيقه ليعارض به الأحاديث النبوية البالغة حدّ الاعجاز في فصاحتها وبلاغتها ، وفعلا فقد وضعت الأحاديث ، وهي ذات ألوان متعدّدة بعضها في فضائل الصحابة ، وبعضها في ذمّ أهل البيت عليهمالسلام دعاة العدل الاجتماعي ، وبعضها في الحطّ من قيمة الأنبياء عليهمالسلام.
وقد عرض لزيفها الإمام شرف الدين ، والعلامة الكبير الشيخ محمود أبو رية في كتابه « أضواء على السنّة المحمّدية » وكانت بحوثهما عن الأحاديث الموضوعة مشرقة بالروح العلمية النزيهة التي لم تجنح لعاطفة ولا لتقليد.
٨
واستخدمت الحكومات القائمة في تلك العصور من الأمويين والعباسيين الأحاديث الموضوعة سلّما لسياساتهم القائمة على الظلم والجور ، وعلى إرغام الناس على ما يكرهون ، فقد تمسّكوا بما وضعه الوضّاعون من إعفاء زعيم الدولة عمّا يقترفه من السيّئات والآثام ، وأنّ الله تعالى لا يحاسبه عليها في الدار الآخرة ، وأنّه ليس كبقية الناس الذين يحاسبهم الله تعالى على ما صدر عنهم من شرّ وإثم في دار الدنيا. وعلى أي حال فإنّ الأحاديث الموضوعة قد ألقت المسلمين في شرّ عظيم ، وصدّت الكثير منهم عن الطريق القويم الذي رسمه الإسلام ليكونوا قادة الامم والشعوب.