اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣) الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٥))
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) من إثبات الغير في الوجود الذي هو الشرك ذاتا وصفة وفعلا ، فإن أكبر الكبائر إثبات وجود غير وجوده تعالى كما قيل :
وجودك ذنب لا يقاس به ذنب
ثم إثبات الإثنينية في الذات بإثبات زيادة الصفات عليها ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام. وكما قال : «الإخلاص له نفي الصفات عنه».
(نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) بظهور النفس والقلب بصفة من صفاتها أحيانا ، فإنها بعد ظهور نور التوحيد لا تثبت (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) أي : حضرة عين الجمع لا كرم إلا فيها (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) من الكمالات المرتبة بحسب الاستعدادات الأولية ، فإن كل استعداد يقتضي بهويته في الأزل كمالا وسعادة تناسبه ، وحصول ذلك الكمال الخاصّ لغيره محال. ولذلك ذكر بلفظ التمني الذي هو طلب ما يمتنع حصوله للطالب لامتناع نسبته (لِلرِّجالِ) أي : الأفراد الواصلين (نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ) بنور استعدادهم الأصليّ (وَلِلنِّساءِ) أي : الناقصين القاصرين عن الوصول (نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) بقدر استعدادهنّ (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) أي : اطلبوا منه إفاضة كمال يقتضيه استعدادكم بالتزكية والتصفية حتى لا يحول بينكم وبينه فتحتجبوا وتتعذبوا بنيران الحرمان منه (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ) مما يخفى عليكم ، كامنا في استعدادكم بالقوّة (عَلِيماً) فيجيبكم بما يليق بكم كما قال : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) (١) أي : بلسان الاستعداد الذي ما دعاه أحد به إلّا أجاب ، كما قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٢).
[٣٦ ـ ٣٧] (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٦) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧))
__________________
(١) سورة إبراهيم ، الآية : ٣٤.
(٢) سورة غافر ، الآية : ٤٠.