(يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : حجبوا من قوى نفوسكم أو من أبناء جنسكم وأهل جلدتكم من الطبيعيين والمتزندقين (مِنْ دِينِكُمْ) أي : من أن يصدّوكم عن طريق الحق (فَلا تَخْشَوْهُمْ) فإنهم يستولون عليكم بعد ذلك (وَاخْشَوْنِ) بأن لا تقفوا عند تجلي صفة من صفاتي وتهيّبوا عظمة ذاتي حتى تصلوا إلى مقام الفناء.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ببيان الشعائر وكيفية السلوك (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بالهداية إليّ (وَرَضِيتُ لَكُمُ) الاستسلام والانقياد بالانمحاء عند تجليات الأفعال والصفات أو إسلام الوجه للفناء عند تجلي الذات (دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ) إلى أمر من هذه الأمور المحرّمة التي عددناها (فِي مَخْمَصَةٍ) في هيجان شديد من النفس وغلبة لظهور صفة من صفاتها (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) غير منحرف عن الدين والوجهة إلى رذيلة مانعة لقصد منه وعزيمة (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يستر ذلك عنه بنور صفة من صفاته تقابلها (رَحِيمٌ) يرحم بمداد التوفيق لإظهار الكمال ورفع موانعه.
[٤ ـ ٥] (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥))
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) من الحقائق والمعارف الحقيّة والفضائل العلمية التي تحصل لكم بعقولكم وقلوبكم وأرواحكم (وَما عَلَّمْتُمْ) من جوارح حواسكم الظاهرة والباطنة وسائر قواكم وآلاتكم البدنية في اكتساب الفضائل والآداب ، محرّضين (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) من علوم الأخلاق والشرائع التي تبين طريق الاحتظاء من الحظوظ على وجه العدالة (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) مما حصلن لكم بتعليمكم على ما ينبغي بنيّة وإرادة قلبية وغرض صحيح يؤدي إلى كمال الشخص أو النوع لا يهجن وينبن وينزنّ عليه بميلهنّ وحرصهنّ لطلب لذتهنّ وشهوتهنّ (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) وأحضروا بقلوبكم أنها للصورة الإنسانية الكاملة تقصد وتراد ، لا لغرض آخر. واجعلوا الله وقاية لكم في فعلها حتى تكون حسنة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يحاسبكم بها في آن لا في أزمنة ، كحصول هيآت في أنفسكم عند ارتكابها.
[٦ ـ ٨] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً