بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢))
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ) إلى آخره ، أي : كل ما يصل إلى الإنسان هو الذي يقتضيه استعداده ويسأله بدعاء الحال وسؤال الاستحقاق ، فإذا أنعم على أحد النعمة الظاهرة أو الباطنة لسلامة الاستعداد وبقاء الخيرية فيه لم يغيرها حتى أفسد استعداده وغيّر قبوله للصلاح بالاحتجاب وانقلاب الخير الذي فيه بالقوة إلى الشرّ لحصول الرين وارتكام الظلمة فيه بحيث لم يبق له مناسبة للخير ولا إمكان لصدوره منه ، فيغيرها إلى النقمة عدلا منه وجودا وطلبا من ذلك الاستعداد إياها بجاذبة الجنسية والمناسبة لا ظلما وجورا.
(هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) لاتفاقها في الوجهة وخلاصها عن قيود صفات النفس التي تستلزم التخالف والتعاند لركونها إلى عالم التضاد واختلافها بالطباع ، فإن القلب ما دام واقفا مع النفس ومراداتها واستولت عليه بصفاتها جذبته إلى الجهة السفلية وصيرت مطالبه جزئية مما يناسب مصالحها فيطلب ما يمنعه منه الآخر ، وتقع العداوة والبغضاء ، وتستولي القوة الغضبية الطالبة للجاه والكرامة والقهر والغلبة والرياسة والسلطنة ، ويقع الاستكبار والإباء والأنفة والاستنكاف ، ويؤدي إلى التقاطع والتهاجر والتحارب والتشاجر. وكلما بعد عن الجهة السفلية بالتوجه إلى الجهة العلوية والتنوّر بأنوار الوحدة الصفاتية أو الذاتية ، ارتفع عن مقام النفس واتصل بالروح وصارت مطالبه كلية لا تتمانع ولا يتنافس فيها لإمكان حصولها لهذا بدون حرمان الآخر منه ومال إلى من يجانسه في الصفاء بالمحبة الذاتية لشدة المناسبة. وكلما كان أقرب إلى الوحدة كانت قوة المحبة فيه أقوى لشدة قربه لمن تدين بدينه كالخطوط الآتية من محيط الدائرة إلى مركزها ، فبحسب قوة الإيمان شدّة الألفة بينهم.
[٦٣ ـ ٧١] (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ