[٤] (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٤))
(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) بالعود إلى عين الجمع المطلق في القيامة الصغرى كما هو الآن أو إلى عين جمع الذات بالفناء فيه عند القيامة الكبرى.
(وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) في النشأة الأولى (ثُمَّ يُعِيدُهُ) في النشأة الثانية (لِيَجْزِيَ) المؤمن والكافر على حسب إيمانهم وعملهم الصالح وكفرهم وعملهم الفاسد وهذا على التأويل الأول ، وعلى الثاني : يبدأ الخلق باختفائه وإظهارهم ثم يعيدهم بإفنائهم وظهوره ليجزي الذين آمنوا به وعملوا الصالحات ما يصلحهم للقائه من الأعمال الرافعة لحجبهم المقربة إياهم (بِالْقِسْطِ) بحسب ما بلغوا من المقامات بأعمالهم من مواهبه الحالية والذوقية التي يقتضيها مقامهم وشوقهم ، أو ليجزي الذين آمنوا الإيمان الحقيقي وعملوا بالله الأعمال التي تصلح العباد ، أي جزاء بالتكميل بقسطهم أي بسبب عدلهم في زمان الاستقامة أو جزاء بحسب رتبتهم ومقامهم في الاستقامة (وَالَّذِينَ) حجبوا في أي مقام كان (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) لجهلهم بما فوقه وشكهم واضطرابهم إذ لو وصلوا إلى اليقين لذاقو برده (وَعَذابٌ أَلِيمٌ) من الحرمان والهجران وفقدان روح الوجدان بسبب احتجابهم.
[٥] (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥))
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ) شمس الروح ضياء الوجود وقمر القلب نوره وقدر مسيره في سلوكه (مَنازِلَ) ومقامات (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ) سني مراتبكم وأطواركم في السير إلى الله وفي الله وحساب درجاتكم ومواقع أقدامكم في كل مقام ومرتبة.
[٦ ـ ٩] (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩))
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ) ليل غلبة ظلمة النفس على القلب ونهار إشراق ضوء الروح عليه وما خلق الله في سموات الأرواح وأرض الأجساد (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) حجب صفات النفس الأمارة وبلغوا إلى رتبة النفس اللوامة فتعرفوا تلك الآيات.