[١٠] (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠))
(دَعْواهُمْ فِيها) أي : دعاؤهم الاستعدادي في الجنات الثلاث التي يهديهم الله إليها بحسب نور إيمانهم (سُبْحانَكَ) أي : تنزيهه في الأولى عن الشرك في الأفعال بالبراءة عن حولهم وقوّتهم ، وفي الثانية : عن الشرك في الصفات بالانسلاخ عن صفاتهم ، وفي الثالثة عن الشرك في الوجود بفنائهم (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها) أي : تحية بعضهم لبعض في كل مرتبة منها إفاضة أنوار التزكية وإمداد التصفية من بعضهم على بعض ، أو تحية الله لهم فيها إشراقات التجليات وإمداد التجريد وإزالة الآفات من الحق تعالى عليهم (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) أي : آخر ما يقتضي استعداداتهم وسؤال الله تعالى بالطلب والاستفاضة قيامهم بالله في ظهور كمالاته وصفات جلاله وجماله عليهم الذي هو الحمد الحقيقي منه وله وتخصيص ذلك الحمد به مجملا ثم مفصلا أولا باعتبار هويته المطلقة ، ثم باعتبار ربوبيته للعالمين.
[١١ ـ ١٨] (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨))
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) إلى آخره ، لما كانت الاستعدادات مفطورة على الخير الإضافي الصوري أو المعنوي بحسب درجاتها في الأزل كان كل دعاء منها وطلب للخير بتهيئة قابليتها وتصفيتها وشوقها إليه يوجب حصول ذلك له عاجلا وفيضانه عليه من المبدأ الفياض الذي هو منبع الخيرات والبركات كقوله تعالى : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) (١)
__________________
(١) سورة إبراهيم ، الآية : ٣٤.