إعدادات
تفسير ابن عربي [ ج ١ ]
تفسير ابن عربي [ ج ١ ]
المؤلف :محي الدين بن علي بن أحمد بن عبدالله الطائي الحاتمي [ ابن العربي ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :415
تحمیل
[٧ ـ ٨] (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨))
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) حجبوا ، فلم يروا الآيات الشاهدة على النبوّة من اتصافه بصفات الله لعدم إدراكهم وعمى بصائرهم ، فلذلك لم يعدوها آيات واقترحوها على حسب هواهم ما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم ، إذ الهداية إلى الله (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) يناسبهم بحسب الجنسية الفطرية فيألفونه عند كماله وتلقيه النور الإلهي ، ويقبلون الهداية منه فيهديهم الله على مظهره ، فمن ناسبك بتلك الجنسية الأصلية قبل الهداية منك ومن لا فلا ، وتلك أسرار خفية لا يعلمها إلا (اللهُ) الذي (يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) فيعلم ما تحمل أنثى النفس من ولد الكمال ، أي ما في قوة كل استعداد وما تزيد أرحام الاستعداد بالتزكية والتصفية وبركة الصحبة من الكمالات وما تنقص منها بالانهماك في الشهوات (وَكُلُّ شَيْءٍ) من الكمالات (عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) معين على حسب القابلية أو كل شيء من قوة قبول في استعداد مقدّر عنده بمقدار في الأزل من فيضه الأقدس لا يزيد ولا ينقص ، أو لكل قوم هاد هو الله تعالى كما قال : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (١) لعلمه بما في الاستعدادات من قوة القبول وزيادتها ونقصانها فيقدّر بحسبها كمالاتهم.
[٩] (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩))
(عالِمُ) غيب ما في الاستعدادات من قوة القبول وشهادة الكمالات الحاضرة الخارجة إلى الفعل (الْكَبِيرُ) الشأن الذي يجل عن إعطاء ما يقتضيه بعض الاستعدادات بل يسع كلها فيعطيها مقتضياتها (الْمُتَعالِ) عن أن ينقطع فيضه فيتأخر عن حصول الاستعداد وينقص مما يقتضيه.
[١٠] (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠))
(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) في مكمن استعداده (وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) بإبراز العلم من القوّة إلى الفعل (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ) بليل ظلمة نفسه (وَ) من هو (سارِبٌ) بخروجه من مقام النفس وذهابه في نهار نور الروح.
[١١] (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٥٦.