القول في سورة الصافات
(إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (٥) [الصافات : ٤ ، ٥] احتجاج على / [١٦٨ أ / م] الوحدانية أي أن رب هذا الملك لا ينبغي أن يكون إلا واحدا بدليل التمانع السابق (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) (٧) [الصافات : ٧] الآيات فيها إثبات الشياطين واستراقهم السمع ورميهم بالشهب.
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (١٦) [الصافات : ١٦] فيه إنكار البعث من الكفار.
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) (١٩) [الصافات : ١٩] إشارة إلى نفخة البعث في الصور.
(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) (٣٧) [الصافات : ٣٧] إثبات لنبوته صلىاللهعليهوسلم وتصديقه الرسل في التوحيد.
(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٣٨) [الصافات : ٣٨] إلى (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠) [الصافات : ٧٠] متضمن لإثبات العذاب والنعيم الحسيين خلافا للفلاسفة والنصارى.
(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤) [الصافات : ٦٢ ـ ٦٤] وجه الفتنة فيها أنهم قالوا : النار تأكل الشجر ، فلا تبقى شجرة الزقوم فيها ؛ فكذبوا بها ، وإنما فتنهم الارتباط بالمعتاد ، والآخرة تنخرق فيها العادات.
(قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦) [الصافات : ٩٥ ـ ٩٦] تنازع الفريقان في هذا ؛ فالجمهور قالوا : معناه والله خلقكم وعملكم ، وجعلوا ما مصدرية ؛ فتدل على أن أعمالهم مخلوقة لله عزوجل.
والمعتزلة قالوا : [معناه] خلقكم والذي تعملون فيه يعني : الأصنام ؛ لأن المعنى عليه ، إذ المراد : أن الله خلقكم وخلق معبودكم ، ومعبودهم هو الوثن المنحوت المعمول فيه النحت ، لا نفس العمل الذي هو النحت ، قالوا : ولو كان المراد : خلقكم وأعمالكم ، لقالوا لإبراهيم : إذا كان قد خلقنا وأعمالنا فلا لوم علينا في أعمالنا كما لا لوم علينا في ذواتنا