القول في سورة التين
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٦) [التين : ٤ ـ ٦] أي : ثم رددناه إلى خسر الكفر بدليل استثناء المؤمنين من أهل سافلين ، ولا يقابل المؤمن إلا الكافر ، وبدليل : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣) [العصر : ٢ ، ٣] وبدليل (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (٧٠) [الأنبياء : ٧٠] وفى موضع : (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) (٩٨) [الصافات : ٩٨] ففسر السفال بالخسر ، واستثنى المؤمن من السافل فدل على أن المراد خسر الكفر ؛ فإذن الأسفل أخسر والأخسر كافر ، وإذا ثبت هذا فرددناه قاطع في مذهب الجمهور ؛ لاقتضائه أن الله ـ عزوجل ـ رده [٤٤٧ ل] إلى خسر الكفر وسفاله (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (٨٨) [النساء : ٨٨].
* * *
القول في سورة اقرأ
(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (٨) [العلق : ٨] فيه إثبات المعاد.
(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (١٤) [العلق : ١٤] فيه أن الله ـ عزوجل ـ بصير.
(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨) [العلق : ١٨] فيه إثباتهم وهم ملائكة يدفعون العصاة إلى النار.
(كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (١٩) [العلق : ١٩] فيه أن السجود سبب القرب من الرب ـ جل جلاله ـ قربا عقليا لا حسيا ، أما عند مثبتي الجهة فظاهر ، وأما عند غيرهم فلأنه ـ عزوجل ـ لا في السماء ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارجه ، ولا متصل ولا منفصل فيستحيل التقرب منه حسا عندهم.
* * *