إلى (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (٨) [البينة : ٨] يستدل به مع قوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (٢٨) [فاطر : ٢٨] على أن العلماء أفضل من الملائكة ، ونظمه هكذا : الذين يخشون الله هم العلماء والذين يخشون الله خير البرية ، فالعلماء خير البرية والملائكة من جملة البرية ، إذ المراد منها كل ما برأه الله ـ عزوجل ـ أي خلقه ، والنزاع في هذا الاحتمال أن المراد بالبرية البشر أو العالم الأرضي بدليل (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦) [البينة : ٦].
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦) [البينة : ٦] يقتضي أن أهل الكتاب ينتظمهم لفظ الكفر لا الشرك ، لأن الآية اقتضت أن أهل الكتاب قسيم للمشركين ، والشيء لا يصدق عليه اسم قسيمه ، وإنما يصدق عليه اسم الجنس المنتظم لهما.
* * *
القول في سورة الزلزلة
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢) [الزلزلة : ٢] إسناد الإخراج إليها مجاز ، والمخرج في الحقيقة هو الله ـ عزوجل.
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) (٦) [الزلزلة : ٦] إلى آخرها ، استدل بها على دخول عصاة الأمة النار ثم خروجهم وأنهم لا يخلدون خلافا للمعتزلة ، وبيانه أن الآية اقتضت أن من عمل خيرا أو شرا رآه ، أي : جوزي به ، فلا يخلو مجازاته به إما أن يكون بإدخاله الجنة ثم النار وهو باطل بإجماع ، إذ من دخل الجنة لا يخرج منها لقوله ـ عزوجل ـ : (لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) (٤٨) [الحجر : ٤٨] أو بالعكس وهو المطلوب ولا واسطة بينهما.
* * *