القول في سورة الشعراء
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٤) [الشعراء : ٤] فيه أن في قدرة الله ـ عزوجل ـ اضطرار خلقه إلى الإيمان بما يبهرهم به من الآيات / [١٤٩ أ / م] ؛ لأن العقل لا يستقر لعجائب القدرة ، فإذا غلبت عليه بهرته.
فأجاب : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) (٥) [الشعراء : ٥] سبق نظيرها في «الأنبياء».
(قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (١٥) [الشعراء : ١٥] يحتج به الاتحادية ، كما سبق.
(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) [الشعراء : ١٦] وحد الرسول باعتبار الجنس أو الرسالة ، و (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) (٤٧) [طه : ٤٧] في «طه» لتعدد الشخص.
(قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٠) [الشعراء : ٢٠] لا حجة فيه لنفاة عصمة الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ لأن هذا كان قبل النبوة ، بدليل : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٢١) [الشعراء : ٢١].
(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٣) [الشعراء : ٢٣] أبان بهذا عن جهله ، إذ لم يفرق بين من يعلم ومن لا يعلم حتى وضع «ما» في سؤاله موضع «من» ، ولما علم موسى خطأ فرعون في السؤال أجابه على مراده ، لا على لفظه ؛ فقال : (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) (٢٤) [الشعراء : ٢٤].
(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) (٤٣) [الشعراء : ٤٣] هذا أمر تعجيز ، أي : أنتم عاجزون عن معارضتي كيفما فعلتم ، وحينئذ لا يرد قول من قال : كيف أمرهم بإلقاء عصيهم وهو منكر ؛ والأمر بالمنكر حرام؟
(قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) (٦٢) [الشعراء : ٦٢] هي معية بالعلم والعناية عند