القول في سورة المدثر
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) (٩) [المدثر : ٨ ، ٩] إن قيل : هذا تقديره : فذلك في يومئذ / [٤٣٣ / ل] يوم ، فيلزم أن يكون اليوم في يوم فيكون للزمان زمان ، وإنه محال.
والجواب أن تقديره «فذلك» أي : فالنقر يومئذ نقر يوم عسير على تقدير حذف المضاف ، وهو سؤال وجواب في الإعراب جيدان.
(إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (٢٦) [المدثر : ٢٥ ، ٢٦] احتج به من يرى قدم القرآن المسموع ، لأنه ـ عزوجل ـ توعد من قال : إنه قول البشر بإصلاء سقر ، وذلك يقتضي أنه ليس قول البشر ، فهو قول الله ـ عزوجل ـ فلا يكون مخلوقا ، فيكون قديما لأنه صفة القديم.
وأجاب الخصم بأن بين البشر وبين الله ـ عزوجل ـ الملك ، فلم لا يجوز أن يكون قوله ، بدليل : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (٤٠) [الحاقة : ٤٠] سلمنا أنه قول الله ـ عزوجل ـ فلم لا يجوز أن يكون صفة فعلية؟ وكل صفة فعلية مخلوقة.
[قال بعض العلماء المحققين المتأخرين ـ رضي الله تعالى عنهم] حكاية غريبة :
أخبرني الشيخ الصالح جمال الدين المعدني الحنبلي بالقاهرة قال : أنشد بحضرة الشيخ الإمام العالم بهاء الدين ابن النحاس الحلبي النحوي ، أو أنشد قول القائل :
لو قيل :
كم خمس لاغتدى |
|
يوما وليلته يعد ويحسب |
ويقول :
معضلة عجيب أمرها |
|
ولئن هديت لها لأمري أعجب |
حتى إذا خدرت يداه وعورت |
|
عيناه مما قد يخط ويكتب |
أوفى على شرف وقال :
ألا انظروا |
|
ويكاد من فرح يجب ويسلب |
خمس وخمس ستة أو سبعة |
|
قولان قالهما الخليل وثعلب |
فجعل الحاضرون يتعجبون منها ومن غرابة وصفها ، فقال الشيخ بهاء الدين : مم تتعجبون؟ فإن مثل هذا في كتاب الله ـ عزوجل ـ ثم تلا : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ