القول في سورة لقمان
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦) [لقمان : ٦] يحتج بها الفقهاء على تحريم السماع ، وليست نصا فيه ، ولأهل السماع فيه تفاصيل ، ثم هو معارض بقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١٨) [الزمر : ١٨] فلو كان في السماع قول وعظي فاتبعه السامع لدخل تحت هذه الآية.
(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١) [لقمان : ١١] استدلال على عدم إلهيتهم بعدم كونهن خالقين ، وتقريره هكذا / [٣٣٣ / ل] : آلهتكم لا تخلق ، أو لا شيء من آلهتكم بخالق ، والإله / [١٥٩ أ / م] الحق خالق ، فلا شيء من آلهتكم بإله حق ، وهذا يقتضي أن الخلق والإبداع من لوازم الإله وخواصه.
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٢) [لقمان : ١٢] قد سبق الخلاف في نبوته والمشهور أنه ليس نبيا بل حكيم صالح.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤) [لقمان : ١٤] أي اشكر لي على خلقي ورزقي لك ، واشكر لهما على كسبها لك وكونهما سبب وجودك ، وهذا يدل على أن الأكساب والأسباب ليس مطرحة الاعتبار كما هو المشهور.
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٧) [لقمان : ١٧]. يحتمل أن الصبر جملة مستقلة أمرا بالصبر على الإطلاق ، ويحتمل ارتباطها بما قبلها ؛ أي : اصبر على ما أصابك من الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن هذا مراد على التقديرين لدخول هذا الصبر الخاص في الصبر على الإطلاق.