المودة والتواصل ، وعن فساد العلاقات.
ويدل على جلال صفة «الرحمة» أنها صفة من صفات الله عزوجل ، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في جملة آيات ، فقال في سورة الأنعام : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ). وفيها : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) وفي سورة يوسف : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وفي سورة المؤمنون : (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) وفي سورة غافر : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) وهناك عشرات من الآيات الكريمة جاء فيها وصف الله تعالى بالرحمة.
ونجد كل سورة من سور القرآن الكريم مبدوءة بقول الله جل جلاله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). ولفظ الرَّحْمنِ كما يقول بعض المفسرين يدل على من تصدر عنه آثار الرحمة بالفعل ، وهي إفاضة النعم والاحسان ، ولفظ الرحيم يدل على منشأ هذه الرحمة والاحسان ، على أنها من الصفات الثابتة الواجبة ، فالرحمن هو المفيض للنعم بسعة وتجدد لا منتهى لهما ، والرحمن هو الثابت له وصف الرحمة لا يزايله أبدا. ويقول الامام محمد عبده : «الرحمن الرحيم مشتقان من الرحمة ، وهي معنى يلم بالقلب فيبعث صاحبه ، ويحمله على الاحسان الى غيره ، وهو محال على الله تعالى بالمعنى المعروف عند البشر ، لأنه في البشر ألم في النفس شفاؤه الإحسان ، والله تعالى منزه عن الآلام والانفعالات فالمعنى المقصود بالنسبة اليه من الرحمة أثرها وهو الاحسان».
وبعض العلماء يرى أن كلمة (الرَّحْمنِ) تفيد معنى الرحمة الشاملة التي تشمل المؤمنين وغيرهم ، وأن كلمة (الرَّحِيمِ) تفيد معنى الرحمة المقصورة على المؤمنين ، ولذلك يقال : الله تعالى رحمن الدنيا رحيم الآخرة ، وذلك أن إحسانه في الدنيا يعم المؤمنين والكافرين ، وفي الآخرة يختص بالمؤمنين ، وعلى هذا قال القرآن المجيد : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) تنبيها على أنها في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين ، وأنها في الآخرة مختصة بالمؤمنين.